للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

-وهي اتصال الإسناد، وخلوه من العلة والشذوذ- ترجع في النهاية إلى هذين الشرطين، فاتصال الإسناد إنما اشترط من أجل معرفة عدالة الناقل وضبطه، إذ قد يكون الساقط غير عدل، أو غير ضابط، واشتراط عدم الشذوذ، وعدم العلة، لأن وجودهما معناه انتفاء الضبط والحفظ، وترجيح وجود خطأ وغلط.

الثانية: تضافرت أقوال الأئمة على اشتراط عدالة الراوي وضبطه، بعبارات مختلفة، مطولة ومختصرة، لكن ليس بالضرورة أن يتم التعبير بهاتين الكلمتين، فكل ما يصدر عن الأئمة من وصف للراوي الذي يقبل حديثه أو الذي لا يقبل مرجعه إلى هاتين الكلمتين، وإنما جرى الالتزام بهما بعد استقرار المصطلحات، وشيوع تدوين (قواعد علوم الحديث).

فمن كلمات الأئمة في ذلك قول عروة بن الزبير: "إني لأسمع الحديث أستحسنه فما يمنعني من ذكره إلا كراهية أن يسمعه سامع فيقتدي به، أسمعه من الرجل لا أثق به، قد حدث به عمن أثق به، وأسمعه من الرجل أثق به، قد حدث به عمن لا أثق به" (١).

وقال الشافعي: "كان ابن سيرين، وإبراهيم النخعي، وغير واحد من التابعين يذهبون إلى أن لا يقبلوا الحديث إلا عمن عرف وحفظ، وما رأيت أحدا من أهل العلم بالحديث يخالف هذا المذهب، وكان طاوس إذا حدثه رجل حديثا قال: إن كان حدثك حافظ ملي، وإلا فلا تحدث عنه" (٢).


(١) "الكفاية" ص ٣٢، ١٣٢.
(٢) "الكفاية" ص ١٣٢، وانظر: "صحيح مسلم"١: ١٥.

<<  <   >  >>