للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يكون من حدَّث به ثقة في دينه، معروفا بالصدق في حديثه، عاقلا لما يحدث به، عالمًا بما يحيل معاني الحديث من اللفظ، أو أن يكون ممن يؤدي الحديث بحروفه كما سمع، لا يحدث به على المعنى؛ لأنه إذا حدث به على المعنى وهو غير عالم بما يحيل معناه لم يدر لعله يحيل الحلال إلى الحرام، وإذا أداه بحروفه فلم يبق وجه يخاف فيه إحالته الحديث، حافظًا إن حدَّث به من حفظه، حافظا لكتابه إن حدَّث من كتابه، إذا شَرِك أهل الحفظ في الحديث وافق حديثهم ... " (١).

الثالثة: بعض أحوال الرواة لا يعرفها إلا من خالطهم وجالسهم، ومن عرف شيئا من ذلك سيضطر إلى نقله لغيره، وما يمكن معرفته من حال الراوي دون الحاجة إلى مجالسته كسبر حديثه مثلا إنما يقوم به من يستطيع ذلك، وهم فرسان الحديث ونقاده، وهؤلاء يذكرون آراءهم حين يسألون، أو يذكرونها ابتداء عند الحاجة لذلك، وكل هذا لابد فيه من الكلام في الرواة في غيبتهم أحياء وأمواتا.

وحين بدأ المعدلون والمجرحون يبينون أحوال الرواة في غيبتهم اشتبه التجريح على بعض الناس بالغيبة المحرمة والبهتان الواردين في قوله - صلى الله عليه وسلم -: "أتدرون ما الغيبة؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: ذكرك أخاك بما يكره، قيل: أفرأيت إن كان في أخي ما أقول؟ قال: إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته، وإن لم يكن فيه فقد بهته" (٢)، ووصل الأمر إلى حد الإنكار على من يتكلم في الرواة.

واضطر الأئمة بسبب ذلك إلى بيان عدم دخول تجريح الرواة في


(١) "الرسالة" ص ٣٧٠.
(٢) أخرجه مسلم حديث (٢٥٨٩) عن أبي هريرة.

<<  <   >  >>