وليس عندي اعتراض كبير على هذا الرأي، لكن يلزم التنبه لأمرين، الأول: أن هؤلاء الأئمة يلجؤون إلى الاختصار كثيرا في عرض نتيجة الحكم على الراوي، مراعاة لمنهجهم في تأليف كتاب مختصر جدا، مثل "الكاشف" للذهبي، أو "التقريب" لابن حجر، ومراعاة أيضا لكونهم يعطون حكما عاما على الراوي، دون الخوض في التفاصيل، وعليه فإنهم يدعون -أحيانا- في خلاصة الحكم النص على استثناء حالة معينة للراوي، كتضعيفه في شيخ معين له، أو أكثر، ومن تتبع أحكام هذين الإمامين لم تعوزه الأمثلة على ذلك.
وعلى هذا فالباحث -مع اكتفائه بحكم الأئمة المتأخرين- يلزمه الوقوف على أقوال النقاد المتقدمين، فقد يكون فيها شيء يحتاجه الباحث في حديثه الذي يبحث فيه، لا يصح له إغفاله.
مثال ذلك الإمام عبد الرزاق، قال فيه ابن حجر:"ثقة حافظ مصنف شهير، عمي في آخر عمره فتغير، وكان يتشيع"(١).
ففي عبد الرزاق -أخذا من كلام الأئمة- استثناء لم يشر إليه ابن حجر، فروايته عن عبيد الله بن عمر العمري متكلم فيها، وكذلك بعض سماعه من سفيان الثوري، كما تقدم شرحه في المبحث الثاني من الفصل الأول، ومثل هذا ليس بالقليل.
الثاني: تتأثر اجتهادات هؤلاء الأئمة في النظر في نصوص النقاد بالقدر الذي يقف عليه الناظر منهم في هذه النصوص، وخاصة في غير المشهورين من الرواة، فابن حجر مثلا يحكم على أحد الرواة بحكم في