للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كما يعكر على الاستفادة أيضا ما يتطرق إلى الضوابط في هذه القضية وغيرها من احتمال كونها أغلبية، إذ قد يتبين بعد بحث أن الضابط أغلبي، وليس مطردا، وحينئذ فيعمل بالضابط ما لم يعارضه ما هو أقوى منه.

مثال ذلك ما تقدم آنفا أن الكوفي إذا قال: عن عبد الله، فهو ابن مسعود، وقد أخرج الرامَهُرْمُزي من طريق مُسَدَّد، عن يحيى بن سعيد القطان، ومن طريق إسماعيل بن عمر الواسطي، كلاهما عن سفيان الثوري، عن عاصم بن أبي النَّجُود، عن زِرِّ بن حُبَيْش، عن عبد الله، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "يقال لصاحب القرآن: اقرأ، وارْق، ورَتِّل كما كنت ترتل في الدنيا، فإن منزلتك آخر آية تقرؤها" (١).

فالناظر في الإسناد لأول وهلة لا يخالجه شك أن عبد الله هو ابن مسعود، بناء على الضابط السابق، لكن عارض ذلك ما هو أقوى منه، إذ رواه أبو داود عن مُسَدَّد بهذا الإسناد، فصرح بعبد الله، وأنه عبد الله بن عمرو، وهكذا جاء من طرق أخرى عن سفيان، وعاصم بن أبي النَّجُود (٢)، وعبد الله بن عمرو بن العاص قدم الكوفة مع معاوية فسمع منه أهلها.

وذكر ابن حجر بعض الضوابط في تفسير رواة مهملين في "صحيح البخاري" نقلا عن الفِرَبْري راوي "الصحيح" عن البخاري، ثم قال ابن


(١) "المحدث الفاصل" ص ٣٢٩ - ٣٣٠.
(٢) "سنن أبي داود" حديث ١٤٦٤، و"سنن الترمذي" حديث ٢٩١٤، و"مسند أحمد" ٢: ١٩٢، و"مصنف ابن أبي شيبة"١٠: ٤٩٨، و"فضائل القرآن" لابن الضريس حديث ١١١ - ١١٤.

<<  <   >  >>