للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فلا، فقلت ليحيى: ما يبرئه؟ قال: يخرج كتابا عتيقا فيه هذه الأحاديث، فإذا أخرجها في كتاب عتيق فهو صدوق، فيكون شُبِّه له وأخطأ كما يخطئ الناس، فيرجع عنها، قلت: فإن قال: قد ذهب الأصل، وهي في النسخ؟ قال: لا يقبل ذلك منه، قلت: فإن قال: هي عندي في نسخة عتيقة وليس أجدها؟ فقال: هو كذاب أبدا حتى يجيء بكتابه العتيق، ثم قال: هذا دين، لا يحل فيه غير هذا" (١).

وقال زكريا بن يحيى الحُلْواني: "رأيت أبا داود السِّجِسْتاني صاحب أحمد بن حنبل قد ظاهر بحديث ابن كاسِب، وجعله وقايات على ظهور كتبه، فسألته عنه فقال: رأينا في "مسنده" أحاديث أنكرناها، فطالبناه بالأصول فدافعنا، ثم أخرجها بعد، فوجدنا الأحاديث في الأصول مُغَيَّرة بخط طَرِي، كانت مراسيل فأسندها وزاد فيها" (٢).

ونقل يعقوب الفَسَوي عن عبد الرحمن بن إبراهيم المعروف بدُحَيْم قوله: "كان سليمان -يعني ابن عبد الرحمن، ابن بنت شُرَحْبِيْل- صحيح الكتاب، إلا أنه كان يُحَوِّل، فإن وقع فيه شيء فمن النقل" (٣).

وكان لسفيان بن وكيع بن الجراح وَرَّاق يدخل عليه ما ليس من حديثه، فنصحه أبو حاتم الرازي في جماعة من أهل الحديث، قال أبو حاتم: " ... قلت: ترمي بالمخَرَّجات، وتقتصر على الأصول، ولا تقرأ إلا من أصولك، وتنحي هذا الوراق عن نفسك، وتدعو بابن كَرَامة


(١) "الكفاية" ص ١١٨.
(٢) "الضعفاء الكبير"٤: ٤٤٦.
(٣) "المعرفة والتاريخ"٢: ٤٠٦ ليعقوب الفسوي، و"تهذيب الكمال"١٢: ٣٠، وهو في الأخير منسوب إلى يعقوب الفسوي نفسه، والأمر محتمل.

<<  <   >  >>