للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المطلب الخامس

أهمية السياق في تحديد المقصود من النص

قد يكون للكلمة أكثرمن معنى لغوي، ويكون المحدِّد للمعنى المقصود في النص هو السياق. ومثال ذلك قول الله تعالى: {وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا} [النساء: ١٢٥]. فقد ذهب البعض إلى أن كلمة "خليلاً" هنا من الخَلة وهي الفقر بمعنى أن الله تعالى جعل إبراهيم فقيرًا إليه، واستدلوا على ذلك بقول زهير بن أبي سلمى:

وإن أتاه خليل يوم مسألة ... يقول لا غائبٌ مَالي ولا حَرَمُ (١)

وما ذهبوا إليه صحيح لغة، فخليل مشتقة من الخَلّة، ولكن للخلة معنى ثان وهو الصحبة، ولما كان السيّاق سيّاق امتنان على إبراهيم - عليه السلام - وإظهار لفضله، لم يكن افتقار إبراهيم إلى الله تعالى مزية، إذْ كلّ العباد فقراء إليه تعالى، وصار هذا المعنى مُستبعَداً لعدم اتفاقه مع السياق، وتعيّن أن المعنى المقصود من باب ما يقال عن موسى إنه كليم الله، وعن عيسى إنه روح الله، وليس من باب الإفتقار. (٢)


(١) ديوان زهير بن أبي سلمى، ص ٩١. ومعنى لا حرم: أي غير ممنوع مالي عنك.
(٢) انظر الشاطبي: الموافقات، مج ٢، ج ٣، ص ٢٩٤.

<<  <   >  >>