تحتاج معرفة دلالة سكوت الشارع الحكيم على مقاصده إلى معرفة القرائن المصاحبة لصدور الأمر المسكوت عنه؛ إذْ إن سكوت الشارع عن الحكم في أمر من الأمور قد يكون مع توفر الدواعي إلى معرفة ذلك الحكم، وقد يكون لعدم توفر الدواعي إلى ذلك، وقد يكون لمانع.
والمسكوت عنه قد يكون واقعة -قولاً كانت أو فعلاً- وقعت أمام النبي - صلى الله عليه وسلم - فسكت عن الإنكار، أو واقعة وقعت في غيبته ثُمّ نُقلت إليه، أو سؤالاً يحتاج إلى جواب ولم يجب عنه، أو تصرفاً انتشر العمل به في زمن التشريع ولم يصدر فيه حكم، أو أمراً لم يظهر في زمن التشريع وسكت الشرع عن إعطاء حكم فيه. وبناءً على ما سبق يمكن تقسيم سكوت الشارع إلى ثلاثة أقسام أساسية، هي:
١ - سكوت الشارع مع توفر الدواعي لإصدار الحكم.
٢ - سكوت الشارع عند عدم توفر الدواعي لإصدار الحكم.
٣ - سكوت الشارع لمانع.
وفيما يأتي تفصيلها، وبيان دلالة سكوت الشارع في كل حال من تلك الأحوال.
أولاً: السكوت مع توفر الدواعي:
وهو ما يصطلح عليه بالترك الوجودي، وهو أن يقع الشيء ويوجد المقتضي له، ولا يصدر عن الشارع (سواء عن طريق الوحي أوعن طريق سنّة النبي - صلى الله عليه وسلم -) قولُ ولا فعلُ لبيان حكمه. وهو إما سكوتُ عن قول أو فعل وقع في حضور النبي - صلى الله عليه وسلم -، أو في