استقراء مجموعة من النصوص الشرعية المشتركة في معنى واحد
وسيكون مثال هذا النوع من الاستقراء استقراء مقصد التيسير ورفع الحرج في الشريعة الإِسلامية. وقبل الشروع كما استقراء النصوص والأحكام التي جاءت مقررة لذلك، ينبغي تحديد مفهوم التيسير في الشريعة الإِسلامية، حتى تسهل عملية الاستقراء من جهة، وبُسد باب الطعون والإعتراضات التي قد تثار حول ثبوت هذا المقصد وتقريره في أحكام الشريعة الإِسلامية من جهة ثانية.
مفهوم التيسير في الشريعة الإِسلامية:
١ - ليس معنى كون التيسير من مقاصد الشارع أن تجري الأمور كلها على التيسير، وأن يُعَامل كلّ الناس في كلِّ الظروف والأحوال باليُسر وإنما المقصود تطبيق التيسير حيث تتوفر شروطه، فالتيسير مقصد شريها عام، لكنه كغيره من المبادئ لا بُدّ له من توفر شروط قطبيقه. فإذا لم يُطبق عند عدم توفر شروطه، فليس معنى ذلك تخلف مبدأ التيسير وانخرام عمومه، ولكن معنى ذلك أن ظروف الشخص أو الفعل تقتضي الحزم أو التشديد بدل التيسير.
٢ - أبرز ما يمكن أن يُعْتَرَض به على اتصاف الشريعة الإِسلامية باليسر بعض الحدود في نظام العقوبات الإِسلامي؛ لما فيها من صرامة في الضرب على أيدي المجرمين. ويُقال في الردّ على ذلك: إن مراعاة اليسير إنما تكون في الظروف الإعتيادية، أو الظروف القاهرة للإنسان، أما في الحالات التي يكون فيها التيسير مؤديّاً إلى تضييع حقوق الغير وإفساد حياة الناس، فإن الأمر يصير خارج نطاق التيسير؛ إذْ في التيسير على الظالم أو الجاني تعسير على المظلومين أو المجني عليهم. وليس اعتبار التيسير في حق الجاني بأولى من اعتباره في جانب المجني عليهم. فليس في الضرب على يَدِ الجاني والتشديد عليه خرق لمبدأ التيسير إنما هو عين حفظ هذا المبدأ، لكن لا بالنسبة للجاني، إنما للمجني عليهم. والتيسير على كل المجتمع أولى وأجدر بالاعتبار من التيسير على زمرة من المجرمين.