للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الفَصْل الثَّانِي

الاستقراء في القرآن الكريم والعلوم الشرعية

المبحث الأول

الاستقراء في القرآن الكريم

يجد الباحث في كتاب الله تعالى أن القرآن الكريم قد اتخذ المنهج الإسقرائي وسيلة من وسائل الإستدلال على سنن الله تعالى في الكون والناس، وأنه قد دعا الناس إلي استعماله في حياتهم العامة والخاصة للإعتبار بما سبق، ولإكتشاف ما يتسم به الكون من إِحْكَامٍ في الخلق، ولمعرفة الخالق تعالى، ومعرفة عظمته وقدرته.

وقد استعمل القرآن الكريم الاستقراء بنوعيه: التام والناقص، ولكن أكثر استعماله للإستقراء الناقص، وأعطاه دلالة قطعية في إثبات بعض سنن الله تعالى في الكون، وفي حياة البشر وإثبات بعض العقائد، وصفات الذات الإلهية.

فمن الآيات التي اتخذ فيها القرآن الكريم المنهج الإستقرائي للإستدلال ما يأتى:

{وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ (٣٨)} [الأنعام: ٣٨].

{كُلُّ ذَلِكَ كَانَ سَيِّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهًا (٣٨)} [الإسراء: ٣٨] وَرَدَ هذا بعد استقراء الآيات السابقة أمهات الرذائل التي ينبغي اجتنابها. (١)

{وَزُخْرُفًا وَإِنْ كُلُّ ذَلِكَ لَمَّا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةُ عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ (٣٥)} [الزخرف: ٣٥]، ورد هذا بعد استقراء الآيات السابقة لأعظم الملذات التي يمكن أن يطمح إليها الإنسان في هذه الدنيا. (٢)

ومن الآيات التي دعا فيها القرآن الكريم الناس إلى استخدام الاستقراء منهجًا


(١) انظر الآيات من ٢٦ إلى ٣٧ من سورة الإسراء.
(٢) انظر الآيتان ٣٣ - ٣٤ من سورة الزخرف.

<<  <   >  >>