للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الفصل الثالث

وظيفة السياق والمقام في تحديد المقصود من الخطاب الشرعي

تمهيد

طبيعة النص الشرعي ومستويات فهمه

النص (١) الشرعي نص لغوي في أصله، ومن ثَمّ فهو محكوم بقواعد اللغة وقوانينها. ففهمه يعتمد أساسًا على اللغة، واللغة بحكم كونها أداة التخاطب والتفاهم بين الناس تكون محكومة بما تواضع عليه أهل تلك اللغة من معان في استعمال ألفاظها، وبما اعتادوه من أساليب للتعبير عن مقصوداتهم، وبالظروف والملابسات التي تحفّ بالخطاب. ولمّا كان أي نصّ من النصوص مركّبًا من مجموع كلمات صدرت في مقام من المقامات، وقَصَد بها قائلها التعبير عن معنى أو مجموعة من المعاني، فإننا لا يمكن أن نفهم النص فهمًا سليمًا إلّا من خلال التدرّج في ثلاثة مستويات:

الأول: هو التعامل مع الكلمات على المستوى الإفرادي بمعرفة "المعنى المعجمي" (٢) لكل كلمة من كلمات النص، وهو عادة ما يكون معنى متعدِّدا.

الثاني: التعامل مع الكلمات على المستوى التركيبي، ويكون ذلك على محورين: الأول تحديد "المعنى الوظيفي" (٣) للكلمة، ويتمّ ذلك من خلال تحديد قرائن التعليق


(١) المقصود بالنص هنا معناه العام.
(٢) المعنى المعجمي (Lexical Meaning): هو المعنى الذي تدلّ عليه الكلمة مفردة كما هو في المعجم. انظر تمام حسان: اللغة العربية معناها ومبناها، (القاهرة: الهيئة المصرية العامة للكتاب، ط ٣، ١٩٨٥)، ص ٣٩.
(٣) المعنى الوظيفي (Functional Meaning): هو المعاني الصوتية والصرفية والنحوية التي تعتبر في حقيقتها وظائف تؤديها مباني الكلمات، ككون الوقف هو المعنى الوظيفي للسكون، والتخلص من التقاء الساكنين هو وظيفة الكسر، والفاعلية هي وظيفة الإسم المرفوع، والمفعولية وظيفة الإسم المنصوب، وغيرها. انظر تمام حسان: اللغة العربية معناها ومبناها، ص ٣٩.

<<  <   >  >>