للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومنها قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (٣٤)} [التوبة: ٣٤]، فإنه لَمّا سِيقَ للوعيد على ترك الزكاة، لم يصح الإحتجاج به على وجوب الزكاة في قليل الذَّهب والفضة وكثيرهما.

ومن هنا يتبيَّن أن العموم يمكان أن يُخصص بالقرائن والسياق؛ لأنه بالسياق يقع تبيين المجملات، وتعيين المحتملات (١). ومن باب تخصيص العام بالسياق اللغوي تخصيصه بالإستثناء، والشرط، والغاية، والصفة" (٢)

المطلب الثالث

تخصيص الخطاب الشرعي بعادات المخاطَبين وأعرافهم

يُعدّ العرف عنصراً من أبرز عناصر مقام الخطاب لِمَا له من سلطان على اصطلاحات الناس وتصرفاتهم، ونستطيع من خلال التعامل مع مباحثه أن ندرك بوضوح مدى اهتمام علمائنا بمراعاة مقام الخطاب الشرعي في التعرف على مقصود الشارع منه، وستتم دراسة ذلك في مسألتين:

أولاً: جريان العادة بالعمل على خلاف عموم النص الشرعي:

ويكون ذلك في حالتين:

الحالة الأولى: أن تكون العادة جارية بفعل معين، ثم يرد نهي شرعي عنه بلفظ متناول له ولغيره، فهل يكون النهي مقصوراً على ذلك الفعل المتعارف عليه؟ أم يعمّه هو وغيره مما يشمله اللفظ؟ ومثال ذلك لو قال الشارع: حرمت عليكم الطَّعام، وكان عادتهم تناولهم جنسًا من الطَّعام فهل يقتصر بالنهي على ذلك الجنس من الطَّعام، أم يعمّ كلّ أجناس الطَّعام المعتاد لديهم وغير المعتاد؟


(١) الزركشي: البحر المحيط، ج ٣، ص ٣٨٠ - ٣٨١.
(٢) انظر مثلاً في حكم التخصيص بهذه المخصصات الغزالي: المستصفى، ج ٢، ص ٦٥ - ٧٠؛ الرازي: المحصول، ج ٣، ص ٢٧ - ٦٩؛ أبو الحسين البصري، محمد بن علي: المعتمد في أصول الفقه، قدم له وضبطه الشيخ خليل الميت، (بيروت: دار الكتب العلمية، ط ١، ١٤٠٣ هـ / ١٩٨٣ م)، ج ١، ص ٢٣٩ - ٢٥٢.

<<  <   >  >>