الإستدلال الإستقرائي من مناهج الإستدلال التي ثار حول جدواها في المبحث العلمي نقاش طويل، بين مهوِّن من قيمته، ورافع من شأنه إلى مرتبة إفادة اليقين. والمتتبع للسير التاريخي لهذا الإستدلال يجد أنه شهد تطورات منذ عهد أرسطو إلى عصرنا هذا، سواء في مفهومه أو في ميادين استخدامه.
ويهدف هذا المبحث إلى دراسة القضايا الأساسية الآتية: بيان مفهوم الاستقراء في المنطق القديم والحديث بحكم أن الاستقراء في أساسه مبحث منطقي، وأهم التطورات التي شهدها الإستدلال الإستقرائي، وهل الاستقراء دليل يمكن أن يوصل إلى نتائج يقينية، أم أنه لا يعدو مرتبة التعميمات الظنية؟ ثم تتناول الدراسة الإستدلال الإستقرائي عند علماء المسلمين، مع تخصيص كل من الشاطبي، ومحمد الطاهر بن عاشور بالدراسة، ثم محاولة استجلاء الفروق بين الاستقراء في مجال العلوم الطبيعية التجريبية، والاستقراء في مجال العلوم الإنسانية والإجتماعية.
والغرض من بحث هذه القضايا هو: أولا: تحقيق القول في معنى الاستقراء، وأهميته في المبحث العلمي، وثانيا: الإجابة عن كثير من الإشكالات والإعتراضات الواردة على استخدام الاستقراء في العلوم الشرعية بصفة عامة، وفي الكشف عن مقاصد الشارع بصفة خاصة.
ثم تختم الدراسة بنماذج تطبيقية للإستقراء بوصفه مسلكاً من مسالك الكشف عن مقاصد الشارع.