للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الفصل الثاني

استخلاص المقاصد من ظواهر النصوص

تمهيد

طرق إفادة الكلام

ينقسم الكلام المفيد من حيث مدى استقلاله بالإفادة إلى ثلاثة أقسام:

١ - إمّا أن يكون مستقلاً بالإفادة من كلّ وجه، وهو النص، (١) مثل قوله تعالى: {وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا} [الإسراء: ٣٢]، وقوله: {وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا} [النساء: ٢٩]، وقوله: {فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ} [الإسراء: ٢٣]. فهذه النصوص تستقل بإفادة تحريم الزنا وقتل النفس وإيذاء الوالدين بالتأفيف.

والظاهر (٢) -أيضًا- من أنواع الألفاظ التي تستقل بالدلالة على معناها، ذلك أن اللفظ الظاهر هو الذي لا يتوقف فهم المراد منه على قرينة خارجية، وإنما يتضح مدلوله المراد منه من الصيغة نفسها. (٣)


(١) مصطلح النص عند الأصوليين يحمل معنيين: الأول المعنى العام، وهو"كل ملفوظ مفهوم المعنى من الكتاب والسنة سواء كان ظاهرًا أو مفسرا أو نصا أو حقيقة أو مجازا، خاصا كان أو عاما، اعتبارا منهم للغالب؛ لأن عامة ما ورد من صاحب الشرع نُصوص". البخاري، علاء الدين عبد العزيز بن أحمد: كشف الأسرار على أصول فخر الإِسلام البزدوي، (بيروت: دار الكتاب العربي، ط ١، ١٤١١ هـ/ ١٩٩١ م)، ج ١، ص ١٧٢.
والثاني المعنى الخاص، وهو في اصطلاح الجمهور: "اللفظ الدالّ في محل النطق ويفيد معنى لا يحتمل غيره". انظر الشنقيطي، عبد الله بن إبراهيم: نشر البنود على مراقي السعود، (بيروت: دار الكتب العملية، ط ١، ١٤٠٩ هـ)، ج ١، ص ٨٤. أما عند الحنفية فهو عند المتقدمين منهم "ما ازداد وضوحًا على الظاهر بمعنى من المتكلم لا في نفس الصيغة". عبد العزيز البخاري: كشف الأسرار، ج ١، ص ١٢٤ - ١٢٥، وفَرَّقَ المتأخرون منهم بينه وبين الظاهر بكون النص ما سيق له الكلام أصالة، والظاهر ما لم يُسَقْ له أصالة. انظر عبد العزيز البخاري: كشف الأسرار، ج ١، ص ١٢٤ - ١٢٦).
(٢) الظاهر في اصطلاح الجمهور هو: "ما دلّ على معنى بالوضع الأصلي، أو العرفي، ويحتمل غيره احتمالًا مرجوحا". الآمدي: الإحكام في أصول الأحكام، ج ٣، ص ٥٨.
(٣) انظر صالح، محمد أديب: تفسير النصوص في الفقه الإِسلامي، (بيروت/ دمشق: المكتب الإِسلامي، ط ٣، ١٤٠٤ هـ / ١٩٨٤ م)، ج ١، ص ١٤٣.

<<  <   >  >>