للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المبحث الرابع

مجالات استخدام الشاطبي للإستقراء

استخدم الإمام الشاطبي المنهج الإستقرائي في الإستدلال لإثبات مسائل كثيرة جدا، أغلبها يتعلق بكليات الشريعة وقواعدها العامة. ومن العسير استقصاء كلّ المسائل التي استخدم الشاطبي فيها الاستقراء، خاصة وأنه -كما سبقت الإشارة- قد بنى كتابه الموافقات على منهج الإستدلال الإستقرائي، ولكن لما كانت هذه الدراسة تطبيقية في جانب منها، كان من اللازم استعراض جملة من تلك المجالات، وهي كالآتي:

أولًا - تعليل الأحكام الشرعية: ومن ذلك المسائل الآتية:

١ - إثبات كون الأحكام الشرعية معللة، وأن العلة الأساس في ذلك هي المصلحة، أي أن الشريعة إنما وضعت لمصالح العباد في الدنيا والآخرة، حيث يقول: "والمعتمد إنما هو أننا استقرينا من الشريعة أنها وضعت لمصالح العباد استقراءً لا ينازع فيه الرازي، ولا غيره". (١)

وواضح من قوله: "أنا استقرينا من الشريعة" أن الاستقراء هنا ناقص. والذي ينفي الشاطبي إمكانية النزاع فيه من قِبِل الرازي أو غيره ليس هو كون نتيجة الاستقراء الناقص قطعية بإطلاق، وإنما هو ثبوت كون الأحكام الشرعية معللة من غير شكّ.

وقد عمل الشاطبي -من أجل تحقيق هذا الاستقراء- على استقراء جانبين:

الأول: الأدلة التي نصت على تعليل الشريعة جملة، والثاني: تعاليل تفاصيل الأحكام في الكتاب والسنة. (٢)

٢ - إثبات قاعدة: أن الأصل في العبادات بالنسبة إلى المكلف التعبد، دون


(١) انظر الشاطبي: الموافقات، مج ١، ج ٢، ص ٤.
(٢) انظر الشاطبي: الموافقات، مج ١، ج ٢، ص ٤ - ٥.

<<  <   >  >>