للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المبحث الثاني

استقراء أدلة أحكام اشتركت في علة واحدة

سيكون الهدف من هذا الاستقراء استقراء أدلّة مشتركة في علّة واحدة، بحيث يحصل لنا العلم بأن تلك العلة مقصد من مقاصد الشارع. وسيكون مثال ذلك تحديد موقف الشارع من رواج الطعام في الأسواق, ويتم ذلك من خلال استقراء أدلة أحكام المعاملات الآتية:

النهي عن الإحتكار:

وقد وردت في ذلك أحاديث منها ما رُوِي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لَا يَحْتَكِرُ إِلّا خَاطِئٌ" (١) وعلة النهي عن ذلك ما يوُدي إليه من إقلال الطعام في الأسواق (٢) فترتفع أسعاره.

النهي عن تلقى الرُّكْبَان:

ومن ذلك حديث ابن عمر - رضي الله عنهما -: "أَنّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - نَهَى أَنْ تُتلقَّي السِّلَعُ حَتّى تَبْلغُ الأَسْوَاقَ". (٣) ومن علل النهي عن تلقي الركبان والجلب تيسير رواج الطعام في الأسواق بأسعار معقولة. (٤)

النهي عن أن يبيع حاضر لباد:

عن جابر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لَا يَبِعْ حَاضِرٌ لِبَادٍ. (٥) دَعُوا النَّاسُ يَرْزُق الله بَعْضَهُمْ مِنْ بَعْضٍ" (٦). ومن علل ذلك تيسير رواج الطعام بين الناس، ومنع تدخل السماسرة لإغلاء أسعار السلع. (٧)


(١) رواه مسلم: صحيح مسلم، كتاب المساقاة، باب (٢٦)، ج ٣، ص ١٢٢٨.
(٢) انظر محمد الطاهر بن عاشور: مقاصد الشريعة الإِسلامية، ص ١٢٦.
(٣) رواه مسلم: صحيح مسلم، كتاب البيوع، باب (٥)، ج ٣، ص ١١٥٦.
(٤) انظر ما قيل في علة النهي عن هذا النوع من البيع في: الشوكاني: نيل الأوطار، ج ٦، ص ٢٥٢ - ٢٥٣.
(٥) الحاضر: ساكن الحضر، والبادي ساكن البادية.
(٦) رواه مسلم: صحيح مسلم، كتاب البيوع، باب (٦)، ج ٣، ص ١١٥٧.
(٧) انظر أقوال العلماء في هذا النوع من البيع في: الشوكاني: نيل الأوطار، ج ٦، ص ٢٤٩ - ٢٥٠.

<<  <   >  >>