للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مع خفائه وكونه محلّ خلاف كبير بين الفقهاء.

ج - أن تكون منضبطة: أي أن يكون للمقصد "حَدٌّ معتبر لا يتجاوزه، ولا يقصر عنه، بحيث يكون القدر الصالح منه لأن يُعتبر مقصدًا شرعيًّا قدرًا غير مشكك" (١)، أي غير متفاوت الوجود في أفراده.

وقد أضاف ابن عاشور شرطًا رابعًا، وهو الإطراد، ويعني به أن لا يكون المقصد مختلفًا باختلاف أحوال الأقطار والقبائل، والأعصار. وقد مثَّل له ببعض الأوصاف التي راعاها بعض الفقهاء في شرط الكفاءة في النكاح مثل: الإِسلام، والقدرة على الإنفاق، واعتبرها من الأوصاف المنضبطة، والتماثل في الثراء والنسب، واعتبرها من الأوصاف غير المنضبطة. (٢) والملاحظ أن في هذا خلطًا بين الوسائل والمقاصد، فما مثَّل به ابن عاشور هنا واضح أنه من الوسائل التي جعلت لتحقيق مقاصد النكاح، وليست هي في ذاتها مقاصد مرادة للشارع.

ويبدو للباحث أن المقاصد لا يمكن أن توصف بالإطراد، وإنما الذي يحتاج إلى الإطراد هي الوسائل، الي تتأثر بالظروف وتغير الأزمان في مدى إمكانية تحقيقها للمقاصد، ومن ثَمَّ تغيرت أحكامها واحتاجت إلى شرط الإنضباط. أما المقاصد فيكفي فيها أن تكون ثابتة، أي محققة للمصلحة في مختلف الأحوال والبيئات والأعصار, وأن يكون ذلك الثبوت منضبطًا، أي له حدّ لا يقصر عنه في مختلف الأحوال، وأن يكون واضحًا لا يختلف فيه اختلافًا معتبرًا.

٢ - المقاصد الخاصة: ويمكن استخلاص تعريف لها من خلال تعريف ابن عاشور للمقاصد العامة فتكون هي: المعاني والحِكَم الملحوظة للشارع في باب من أبواب التشريع، أو في جملة أبواب متجانسة ومتقاربة، مثل مقاصد الشارع في العقوبات، أو في المعاملات المالية، أو في العبادات المالية، أو في إقامة نظام الأسرة، وغيرها.


(١) المصدر السابق، ص ١٧٢.
(٢) انظر المصدر السابق، ص ١٧٢.

<<  <   >  >>