للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يَنْفَعُوكَ بِشَيءٍ لَمْ يَكْتُبْهُ الله عَلَيْكَ لَمْ يَقْدِرُوا عَلَيْهِ وَإِنْ أَرَادُوا أَنْ يضُرُّوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَكْتُبْهُ الله عَلَيْكَ لَمْ يَقْدِرُوا عَلَيْهِ وَاعْلَمْ أَنَّ فِي الصَّبْرِ عَلَى مَا تَكرَهُ خَيْرًا كَثِيرًا وَأَنَّ النَّصرَ مَعَ الصَّبْرِ وَأَنَّ الْفَرَجَ مَعَ الْكَرْبِ وَأَنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا". (١)

٩ - النهي عن التشدد والتنطع في الدين:

ومِنْ حرصِ الإِسلام على التيسير، ولِمَا يعلمُه من شَطَطِ بعضِ النفوس، نجده يحذّر من التشديد على النفس بالسير في طريق الغلو والتنطع، لما يؤدي إليه ذلك من عنت وإرهاق للنفوس، وما قد ينتج عن ذلك من انقطاع في الطريق. ومما ورد في ذلك:

- عَنِ الأَحْنَفِ بْنِ قَيْسٍ عَنْ عَبْدِ الله بن مسعود قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "هَلَكَ الْمُتَنَطِّعُونَ" قَالَهَا ثَلاَثًا. (٢)

- عَنْ مِسْعَرٍ قَالَ: أَخْرَجَ إِلَيَّ معنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ كِتَابًا فَحَلَفَ لِي بالله إِنَّهُ

خَطُّ أَبِيهِ فَإِذَا فِيهِ قَالَ عَبْدُ الله: وَالَّذِي لَا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ مَا رَأَيْتُ أَحَدًا كَانَ أَشَدَّ عَلَى الْمُتَنَطِّعِينَ مِنْ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - ومَا رَأَيْتُ أَحَدًا كَانَ أَشَدَّ عَلَيْهِم مِنْ أَبِي بَكر وَإنِّي لأَرَى عُمَرَ كَانَ أَشَدَّ خَوْفًا عَلَيْهِم أَوْ لَهُمْ". (٣)

- عن أَنَس بْن مَالك - رضي الله عنه - قَالَ: جَاءَ ثَلاَثَةُ رَهْطٍ إِلَى بُيُوتِ أَزْوَاِجِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - يَسْأَلُونَ عَنْ عِبَادَةِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَلَمَّا أُخْبِرُوا كَأَنَّهُم تَقَالُّوهَا فَقَالُوا: وَأَيْنَ نَحْنُ مِنَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَدْ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ قَالَ أحَدُهُمْ: أَمَّا أَنَا فَإِنِّي أُصَلِّي اللَّيْلَ أَبَدًا وَقَالَ آخَرُ: أَنَا أَصُومُ الدَّهْرَ وَلَا أُفْطِرُ وَقَالَ آخَرُ: أَنَا أَعتَزِلُ النِّسَاءَ فَلَا أَتَزَوَّجُ أَبَدًا فَجَاءَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - إِلَيْهِمْ فَقَالَ: "أَنْتُمُ الَّذِينَ قُلْتُم كَذَا وَكَذَا أَمَّا والله إِنِّي لأَخْشَاكُمْ لله وَأَتْقَاكم لَهُ لَكِنِّي أصُومُ وَأُفْطِرُ وَأُصَلِّي وَأَرْقُدُ وَأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي". (٤)


(١) رواه أحمد: مسند الإمام أحمد، مسند بني هاشم، ج ٣، ص ٢٤٤ - ٢٤٦.
(٢) رواه مسلم: صحيح مسلم، كتاب العلم، باب (٤)، ج ٤، ص ٢٠٥، الحديث (٢٦٧٠).
(٣) رواه الدارمي: سنن الدارمي، باب من هاب الفتيا وكره التنطع والتبدع، ج ١، ص ٥٢.
(٤) رواه البخاري: صحيح البخاري، كتاب النكاح، باب (١)، مج ٣، ج ٦، ص ٤٣٧، الحديث (٥٠٦٣).

<<  <   >  >>