للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللهِ بِهِ} [المائدة: ٣]، وقوله تعالى: {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللهِ} [البقرة: ٢٢٩].

وهذه الصيغ تأخذ حكم الصريح في كونها ظاهرة في كون الشارع قاصدًا إلى

إيقاع ما يتعلق منها بالأوامر واجتناب ما يتعلق منها بالنواهي. (١)

ب - لازم الأمر والنهي: وهو ما يتوقف عليه كلّ منهما، أي هل الأمر بالشيء يلزم منه النهي عن ضده، ووجوب ما لا يَتِمُّ الواجب المأمور به إلّا بتحصيله مع كونه في قدرة المكلّف؟ والنهي عن الشيء هل يلزم منه الأمر بضده، والنهي عن الذرائع الموصلة إلى ذلك المنهي عنه؟ وهذا النوع فيه خلاف مشهور بين الأصوليين ليس هذا موضع تفصيله. (٢)

وقد قيَّد الشاطبي الأوامر والنواهي التي يُعرف منها كون الشارع قاصدًا إلى إيقاع المأمور به واجتناب المنهي عنه بالأوامر والنواهي التصريحية الإبتدائية. وتقييدهما بقيد "التصريحية" إخراج للأوامر والنواهي الضمنية فإنها خفية في الدلالة على قصد الشارع؛ إذْ لا تفيده مجردة وإنما بما يحفّ بها من قرائن، أما تقييدها بكونها "ابتدائية" فلإخراج الأوامر والنواهي التي لم تُقصد بالقصد الأول، مثل: هل الأمر بالشيء نهي عن ضده؟ والنهي عن الشيء هل هو أمر بضده أم لا؟ ومسألة وجوب ما لا يتم الواجب إلّا به. (٣)

ووجه إدراج صيغتي الأمر والنهي في باب استخلاص المقاصد من ظواهر النصوص أن كلًّا منهما إذا ورد مطلقًا ولم ترد أي قرائن تصرفه إلى معنى من المعاني التي يمكن أن يُصرف إليها كلّ منهما فإنه يفيد بظاهره قصد الشارع إلى وجوب امتثال ما أمر به ووجوب اجتناب ما نهى عنه، وهذا جريا على رأي الجمهور القائلين


(١) انظر الشاطبي: الموافقات، مج ٢، ج ٣، ص ١١٧.
(٢) انظر الجويني: البرهان، ج ١، ص ١٧٩ - ١٨٥.
(٣) انظر الشاطبي: الموافقات، مج ١، ج ٢، ص ٢٩٨ - ٢٩٩.

<<  <   >  >>