حضارة، ولكننا لم نرَ منها إلا المدافع والرشاشات والدبابات، وهاكم انظروا:
في كل رابية جُسومٌ مُزِّقَت ... وبكلِّ نادٍ رنّةٌ وعَويلُ
* * *
يا بني السين: إننا اليوم كما قال ملككم فرنسوا الأول من قبل: «قد خسرنا كل شيء إلا الشرف»، وإذن فلم نخسر شيئاً! ولن تقوى قوة في العالم على سلبنا الشرف والإيمان، فاصنعوا ما شئتم. املؤوا المرجة دبّابات، واقتلوا منّا المئات، واكذبوا فانشروا ما شئتم بلاغات، فكل ما هو آتٍ آت.
قد رأينا الموت وقاسينا الفقر وشاهدنا الخراب، وأصبحت مدينتا بَلْقعاً وأهلها مفجوعين ونساؤها ثاكلات، فماذا نخاف بعد هذا؟ هل بعد الموت منزلة نحابيكم عليها؟ هل عندكم أشدّ من الرصاص؟ فقد فتحنا له صدورنا! هل عندكم أغلى من الأرواح؟ لقد أعددناها ثمناً للاستقلال!
ثمنُ المجدِ دمٌ جُدنا به ... فانظروا كيف بذلنا الثمنا
انظروا كيف سقينا بدمنا صحراء ميسلون وجِنان الغوطة! إن حصاد الدم هو الاستقلال، وإن الشهادة خير بألف مرة من حياة يذلنا فيها العبيد.
حتى العبيد تُذِلّنا في دارنا ... هذا -لَعَمرك- منتهى حدّ الشَّقا