(وتلك هي الحقيقة) من الأدب العربي ما جاوز اسمه، ينكرون على العرب شعرهم ونثرهم مرة واحدة، ويزعمون أنْ لا شعر إلا شعر لامارتين، ولا أدب إلا أدب غوته، ومن لفَّ لفَّهما وجرى مجراهما، كأنما الأدب ليس ببراعته وجماله وإنما بهذا الطابع الغربي الذي عليه.
وبين هؤلاء وأولئك ضاع الأدب العرب، ضاع بين الجامدين والجاحدين: الجامدين الذين يغمضون عيونهم عن النور ويزعمون أنه ظلام، والجاحدين الذين لا يريدون أن يعلموا، ولا يعترفون للعالِمين بعلمهم.
ومِنَ البَليّةِ عَذْلُ من لا يَرْعَوي ... عن جهله، وخطابُ من لا يفهمُ
وكلا الفريقين على ضلال. ولست أحب لإخواننا أن يعتقدوا أن أدبنا خير الآداب وأنه في غنى عن الاقتباس من آداب الغرب، ولا أن يروه خالياً من كل ميزة عاطلاً من كل جمال، بل أحب لهم أن يروا معي بأن احتذاء أساليب القدماء كما هي شيء لا يفيد، وأنه لا بد من التجديد في الأدب العربي، وإنما بالقصد والعقل، وبأن نقتبس المعنى الجيد والصورة الجميلة والطريقة النافعة من أدب الغرب فنذيبها في لغتنا، لا بأن نضيع لغتنا فيها كما يفعل السخفاء من المجدِّدين في الآداب! وبأن نتعلم من آداب الغرب فن القصة، وهو ضعيف في آدابنا في حين أنه دعامة الأدب الحي في هذا العصر ومرآة تقدمه وازدهاره.
وإذا نحن دعونا إلى الاقتباس من أدب الغرب فما ذلك إلا