في يوم المحشر! فمِن متعمّم بجبة طويلة ذات أكمام عريضة، ومن مُطربَش بلباس أوربي ضيق يكاد يُظهر منه ما أخفى، ومن «زكرتي» يلبس شروالاً ضخماً، ومن شيوخ «على الموضة» يلبسون البدلة الإفرنجية وربطة العنق والعمامة! ومن ومن ...
وليس هذا الاختلاف في الألبسة فقط، بل في فرش البيت وطرق المعيشة. زرت أمس جدتي، فلم تدعني حتى خلعتُ نعلي وجلست على طرّاحتها، فتقطعت هذه السراويل الضيقة التي ألبسها، وخرجت إلى الشارع بأقبح هيئة أكيل اللعنات جزافاً لمن لبس هذه البدلة لأول مرة في الشام! في حين أنني أزور ابن عمي فلا يكلفني شيئاً من هذا العناء، بل يسمح لي أن أدوس بحذائي الذي أسير فيه في الشارع على بساط غرفته، ثم يجلسني على كرسي أو أريكة.
وتُدعى إلى وليمة فتجلس إلى نَضَد ويقدَّم لك صحن خاص وشوكة وملعقة وسكين وبشكير، في حين أن وليمة أخرى توضع الأطعمة فيها على خوان ويأكل القوم كلهم من إناء واحد. أي الشكلين أحسن؟ أنا لا أدري، ولكني لا أحب الاختلاف. وليس هذا الاختلاف بين حارة وحارة وحي وحي، هذا لهؤلاء وذاك لأولئك، بل بين غرفة وغرفة من منزل واحد، هذه إفرنجية وهذه شرقية عربية!
أنا لا أقول للناس البسوا كلكم بدلات أو افرشوا دوركم بالكنبات، لا، ولكني أريد أن أقول إن هذا الاختلاف في العادات يجرّ إلى الاختلاف في طرق التفكير والاضطراب في الثقافة