العلم بالسلب، والعدم؛ إذا كان القياس صحيحاً، يقول رحمه الله:
ويكفي سُواي أنه متمسك ... بتعليم علم المنطق السَّيئِ النَّشْرِ
عقيدته أن الكتاب وسُنَّـ ... ـة النَّبي معاً ليسا دليلاً على أمْرِ
ولكن دليلُ الأمر والنَّهي عنده ... نتيجةُ أفكارٍ على عقله يحري
وذاك دليلٌ في الشريعةِ باطِلٌ ... لأنّا عرفنا الله بالنَّقل لا الفِكْرِ
ومعرفةُ الرحمن بالعقل فِريَةٌ ... عليه وليس العُرْفُ بالشيء كالنُّكرِ
وما قرره جمال الدين السرمري رحمه الله هو قول الأئمة في هذا الباب، فأما كون أن العقل لا يحصل له من القياس في الرب إلا السلب فقد قال شيخ الإسلام رحمه الله:"لكن هذا القدر يعرف انتفاء غيره أن يكون إياه، وأما عينه فلا يعرف بمجوع تلك القضايا الكلية، فلا يحصل للعقل من القياس في الرب إلا العلم بالسلب، والعدم؛ إذا كان القياس صحيحاً. ولهذا جاءت الأمثال المضروبة في القرآن -وهي المقاييس العقلية- دالة على النفي في مثل قوله:{ضَرَبَ لَكُمْ مَثَلًا مِنْ أَنْفُسِكُمْ هَلْ لَكُمْ مِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ شُرَكَاءَ فِي مَا رَزَقْنَاكُمْ ... } الآية [الروم: ٢٨] ومثل قوله: {وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلَيْنِ ... } الآيات [النحل: ٧٦] وقوله:
{يَاأَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ ... } الآية [الحج: ٧٣] وقوله: {قُلْ لَوْ كَانَ مَعَهُ آلِهَةٌ كَمَا يَقُولُونَ ... } الآية [الإسراء: ٤٢] وقوله: {مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذًا لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ}[المؤمنون: من الآية ٩١] وأمثال ذلك من الأمثال -وهي القياسات- التي مضمونها نفي الملزوم لانتفاء لازمه، أو نحو ذلك؛ ولهذا كان الغالب على أهل القياس من أهل الفلسفة، والكلام، في جانب الربوبية: إنما المعارف السلبية" (١).
وأما أن الإيمان بوجود الله قد دلت عليه بعثة الأنبياء وآياتهم فقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "قال القاضي أبو يعلى في عيون المسائل: [مسألة] ومثبتو النبوات حصل لهم المعرفة بالله