للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال وهب بن جرير: "إياكم ورأي جهم فإنهم يحاولون أن ليس في السماء شيء وما هو إلا من وحي إبليس وما هو إلا الكفر" (١).

وقال الإمام ابن القيم في معرض ذكره لأنواع الإلحاد في أسمائه تعالى: "ورابعها: تعطيل الأسماء عن معانيها، وجحد حقائقها، كقول من يقول من الجهمية وأتباعهم: إنها ألفاظ مجردة لا تتضمن صفات ولا معاني، فيطلقون عليه اسم السميع والبصير والحي والرحيم والمتكلم والمريد ويقولون: لا حياة له، ولا سمع، ولا بصر، ولا كلام، ولا إرادة تقوم به، وهذا من أعظم الإلحاد فيها عقلاً وشرعاً ولغةً وفطرة، وهو يقابل إلحاد المشركين، فإن أولئك أعطوا أسماءه لآلهتهم، وهؤلاء سلبوه صفات كماله، وجحدوها، فكلاهما ملحد في أسمائه ... وكل من جحد شيئاً عما وصف الله به نفسه، أو وصف به رسوله فقد ألحد في ذلك فليستقل أو ليستكثر" (٢).

والأقوال في ذلك من السلف متواترة، ويضيق المقام عن حصرها.

[٣ - تنزيه صفات الله - جل جلاله - عن مماثلة صفات المخلوقين]

من قواعد أهل السنة والجماعة تنزيه الله - جل جلاله - عن مماثلة صفات المخلوقين، وهذه المسألة تكلم فيها أهل السنة بناءاً على النصوص الواردة في نفي التمثيل، كقوله تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [الشورى: من الآية ١١]، {هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا} [مريم: من الآية ٦٥]، {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ} [الإخلاص: ٤] وغيرها من الأدلة.

وبينوا بطلان مذهب المشبهة: وهم الذين يمثلون صفات الله بصفات المخلوقين كقول بعضهم: لله سمع كسمعي، وبصر كبصري؛ وأن هذا نوع من الإلحاد في أسماء الله وصفاته الوارد في قوله - عز وجل -: {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [الأعراف: ١٨٠].


(١) اجتماع الجيوش الإسلامية، ص ١٣٦.
(٢) بدائع الفوائد (١/ ١٨٠)، لابن القيم، تحقيق: هشام عطا وعادل العدوي وأشرف أحمد، الطبعة الأولى ١٤١٦، مكتبة نزار مصطفى الباز، مكة.

<<  <   >  >>