للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بسكن الدار الثانية دون الأولى، كما قال ذلك الرجل: إن النُقبة تكون في مشفر البعير، فتدخل في الإبل فتجرب، فقال له: «فَمن أعدى الأوَّل» وقال هنا: «فَذَرُوها ذميمةً» حسماً لوهم صاحب البعير أن بعيره خالط غيره فأعداه، ويتسلسل ذلك في ظنه، فقطعه بهذا الجواب، وقال لصاحب الدار: «فَذَرُوها ذميمةً» خوفاً عليه أن يقوى وهمه باستمرار النقص عليه بالمقام بها، فيؤدي ذلك إلى سوء اعتقاده فيما أخبره به أولاً أنه لا عدوى ولا طيره" (١).

[المسألة الخامسة: تفسير السنة بالقرآن]

قد سلك الإمام جمال الدين السرمري مسلك الأئمة الأعلام في التعامل مع نصوص السنة، فالتمس من آيات القرآن ما يقوي به وجه الاستشهاد بالسنة؛ تارةً تأكيداً، وتارة بياناً.

ومثال ذلك قوله عند الكلام على تفسير الآل: "في الصحيح أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - سئل فقيل: يا رسول الله قد عَلِمْنا كيف السلام عليك، فكيف الصلاة عليك؟ فقال: «قولوا: اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم إنّك حميد مجيد، وبارك لي محمدٍ وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وآل إبراهيم إنَّك حميد مجيد» واختلف الناس في آله من هم، فقيل: أهل بيته، وهذا هو الصحيح إن شاء الله، وقيل: جميع أمته فيدخل فيه أهله وأزواجُهُ وكل مؤمن به وقد قال تعالى: {أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ} [غافر: من الآية ٤٦] وأراد بذلك قومه كُلهم" (٢).

وقال في موضع آخر عند الكلام على حفظ اللسان والفرج: "عن سهل بن سعد - رضي الله عنه - عن

النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من توكَّل لي ما بين لحييه وما بين رجليه توكلتُ له بالجنة» أخرجه البخاري ... والمراد بما بين الرجلين الفرج، وقد أمر الله تعالى بحفظه في كتابه ووعد على حفظه بالفلاح في قوله: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ} [المؤمنون: ١] ثم قال: {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ


(١) كتاب فيه ذكر الوباء والطاعون، ص ٥٧ - ٦٦.
(٢) شرح اللؤلؤ في النحو، ص ٢٣٠.

<<  <   >  >>