للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهو الحق الذي يدل عليه العقل والنقل؛ وكذلك أفعاله، فإن الفعل والكلام صفة كمال، فإن من يتكلم أكمل ممن لا يتكلم، ومن يخلق أكمل ممن لا يخلق، قال تعالى: {أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لَا يَخْلُقُ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ} [النحل: ١٧]، وحينئذ فهو ما زال متصفاً بصفات الكمال، منعوتاً بنعوت الإكرام والجلال" (١).

وقال الإمام ابن أبي العز: "أن الله - سبحانه وتعالى - لم يزل متصفاً بصفات الكمال: صفات الذات وصفات الفعل، ولا يجوز أن يعتقد أن الله وصف بصفة بعد أن لم يكن متصفاً بها، لأن صفاته -سبحانه- صفات كمال، وفقدها صفة نقص، ولا يجوز أن يكون قد حصل له الكمال بعد أن كان متصفاً بضده" (٢).

وهذه المسألة لها ارتباط مباشر بمسألة تسلسل الحوادث -وقد تقدم الكلام عنها-.

[٥ - التفسير السلفي لنصوص الصفات]

تكلم جمال الدين السرمري رحمه الله على تفسير بعض نصوص الصفات، وكان في تفسيره سائراً على منهج أهل السنة والجماعة، ومن ذلك قوله في تفسير حديث «إن الله تعالى يقول يوم القيامة: يا ابن آدم، مرضت فلم تعدني، قال: أي رب كيف أعودك وأنت رب العالمين؟ قال: أما علمت أن عبدي فلاناً مرض فلم تعده، أما علمت أنك لو عدته لوجدتني عنده ... »: "وأما قوله: «لوجدتني عنده» فهو مثل قوله: «أنا عند المنكسرة قلوبهم من أجلي» وقوله: «أنا ثالث الشريكين ما لم يخن أحدهما الآخر»، ويجوز أن يكون أراد (قريب) من العائد والمطعم والساقي بالقبول والإنابة على ما نووه وأمَّلوه من الأجر فيما فعلوه، ويكون المراد بقوله: «لوجدتَ ذلك عندي» أي وجدتَ أجرَ ذلك، أو أجر ذلك مكتوباً، أو موفوراً عندي، والله أعلم.


(١) مجموع الفتاوى، ص ٣٨٤.
(٢) شرح العقيدة الطحاوية، ص ٧٩.

<<  <   >  >>