للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ابتدعوها، وقدَّموا فيها شريعة الهوى بالاستنباط والنصر لها، والاستدلال على صحتها في زعمهم، حتى عُدّ خلافهم خلافاً، وشبههم منظوراً لها، ومُحتاجاً إلى ردِّها والجواب عنها، كما تقول في ألقاب الفرق من المعتزلة والقدرية والمرجئة والخوارج والباطنية ومن أشبههم فإنها ألقاب لمن قام بتلك النحل، ما بين مستنبط لها، وناصر لها، وذاب عنها" (١).

وقال شيخ الإسلام: "ومما ينبغي أيضاً أن يُعرف أن الطوائف المنتسبة إلى متبوعين في أصول الدين والكلام على درجات: منهم من يكون قد خالف السنة في أصول عظيمة، ومنهم من يكون إنما خالف السنة في أمور دقيقة ... ومثل هؤلاء إذا لم يجعلوا ما ابتدعوه قولاً يُفارقون به جماعة المسلمين، يُوالون عليه ويعادون، كان من نوع الخطأ ... بخلاف من والى موافقه وعادى مخالفه وفرَّق بين جماعة المسلمين وكفَّر وفسَّق مخالفه دون موافِقِه في مسائل الآراء والاجتهادات، واستحل قتال مخالفه دون موافقه من أهل التفرق والاختلافات، ولهذا كان أوَّل من فارق جماعة المسلمين من أهل البدع الخوارج المارقون" (٢).

[الموقف من أهل البدع]

لقد وضع أهل السنة والجماعة قواعد وضوابط في التعامل مع أهل الأهواء والبدع، ومن ذلك:

أولاً: حراسة الدين، وإبطال البدع:

أول موقف لأهل السنة والجماعة من البدع والمبتدعة هو نفيرهم الدائم لحراسة الدين وإبطال البدع، فما كان يطلع للبدعة قرن إلا ويهب الرجال العاملون والعلماء المخلصون لاستئصال شأفة هذه البدعة وإماتتها وقطعها عن طريق الأمة.


(١) الاعتصام (١/ ٢٨٠).
(٢) مجموع الفتاوى (٣/ ٣٤٩).

<<  <   >  >>