للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ورد هذا الإمام القرطبي وغيره من أئمة الآثار، وقد أخرج مسلم تلك الزيادة في صحيحه عن أبي سعيد بلاغاً، وليست مما للرأي والاجتهاد فيه مجال فهي مرفوعة، وقد مر من الأخبار ما يوجب الإيمان بذلك، ثم إن القادر على إمساك الطير في الهواء قادر على أن يمسك عليه المؤمن ويجريه ويمشيه، على أنه أخرج الإمام عبد الله بن المبارك، وابن أبي الدنيا عن سعيد بن أبي هلال قال:

بلغنا أن الصراط يوم القيامة يكون على بعض الناس أدق من الشعر، وعلى بعض مثل الوادي الواسع، وأخرج أبو نعيم عن سهل بن عبد الله التستري قال:

من دق الصراط عليه في الدنيا عرض عليه في الآخرة، ومن عرض عليه الصراط في الدنيا دق له في الآخرة" (١).

وقال أبو الحسن الأشعري: "وأجمعوا -يعني: أهل الحديث- على أن الصراط جسر ممدود على جهنم، يجوز عليه العباد بقدر أعمالهم، وأنهم يتفاوتون في السرعة والإبطاء على قدر ذلك" (٢).

[المطلب السابع: الجنة والنار]

من لوازم الإيمان باليوم الآخر: الإيمان بالجنة والنار، وأنهما مخلوقتان موجودتان، وأن الجنة لا تفنى ونعيمها لا يزول، وأن أهل النار خالدين فيها.

وقد دل على ذلك الكتاب والسنة.

فمن أدلة الكتاب: الآيات الكثيرة التي دلت على أن آدم وحواء أسكنهما الله الجنة، وأهبطهما منها، كقوله تعالى: {وَقُلْنَا يَاآدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا} [البقرة: من الآية ٣٥]، وقوله تعالى: {وَيَاآدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ فَكُلَا مِنْ حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ} [الأعراف: ١٩]، وقوله تعالى: {يَابَنِي


(١) لوامع الأنوار البهية (٢/ ١٩٢ - ١٩٤).
(٢) رسالة إلى أهل الثغر ص ٢٨٦، لأبي الحسن الأشعري، تحقيق: عبدالله شاكر الجنيدي، الطبعة الأولى ١٩٨٨ م، مكتبة العلوم والحكم، دمشق.

<<  <   >  >>