للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يشفع في أهل الكبائر فيخرجون من النار، والسبب في ذلك لأنهم يرون فيها تعارضاً مع ما أصَّلوه وهو: أن صاحب الذنب لا بد أن يُجازى بذنبه وجوباً، فيدخل النار ولا يخرج منها، هكذا قررت عقولهم دون الرجوع إِلى الآيات وإلى الأحاديث.

يقول ابن القيم رحمه الله: "رد الخوارج والمعتزلة النصوص المتواترة الدالة على خروج أهل الكبائر من النار بالشفاعة وكذبوا بها، وقالوا: لا سبيل لمن دخل النار إلى الخروج منها بالشفاعة ولا غيرها، ولما بهرتهم نصوص الشفاعة وصاح بهم أهل السنة وأئمة الإسلام من كل قطر وجانب ورموهم بسهام الرد عليهم أحالوا بالشفاعة على زيادة الثواب فقط لا على الخروج من النار فردوا السنة المتواترة قطعاً ... " (١).

[المطلب الثامن: رؤية المؤمنين لربهم في الآخرة]

وهذه المسألة من أشرف مسائل أصول الدين وأجلها، وهي الغاية التي شمَّر إليها المشمرون، وتنافس المتنافسون، وحُرمها الذين هم عن ربهم محجوبون، وعن بابه مردودون (٢)، فإن أعظم نعيم وعده الله عباده المؤمنين هو رؤيته تعالى في الآخرة، وقد دل على ذلك الكتاب، والسنة، وأجمع عليه سلف الأمة.

فمن أدلة الكتاب:

قوله تعالى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ (٢٢) إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} [القيامة: ٢٢ - ٢٣] وهي من أظهر الأدلة, فإضافة النظر إلى الوجه الذي هو محله في هذه الآية، وتعديته بأداة إلى الصريحة في نظر العين، وإخلاء الكلام من قرينة تدل على خلافه، حقيقة موضوعة صريحة في أن الله أراد بذلك نظر العين التي في الوجه إلى الرب - جل جلاله - (٣).


(١) طريق الهجرتين وباب السعادتين ص ٥٦٨ - ٥٦٩، لابن القيم، تحقيق: عمر بن محمود أبو عمر، الطبعة الثانية ١٤١٤، دار ابن القيم، الدمام.
(٢) شرح العقيدة الطحاوية، ص ١١٠.
(٣) انظر: شرح العقيدة الطحاوية، ص ١١٠.

<<  <   >  >>