للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد قرر الإمام جمال الدين السرمري مذهب أهل السنة والجماعة في هذه المسألة، فقال:

"واعلم أن الأسباب تؤثر في المخلوقات بما أودع الله تعالى فيها من الحكم الغامضة، إذا شاء أن يُؤثر، وقد أجرى العادة بأشياء من ذلك كما جعل حرَّ الشمس منضجاً للثمار، وبرد الليل والرياح الشمال مربية للزروع والحبوب، ونور القمر منضج للخضروات ... ونحوها، وجعل رياح الجنوب مؤذية لذلك، مع أنها لواقح للسحاب والشجر في منافع أخر، وهذه أمور قد عرفها من يباشرها من أرباب الزراعات.

واعلم أنه ليس كلما وقعت هذه الحوادث أثرت هذا التأثير، لأنها ليست لها قوة تفعلها بنفسها، ولكن إذا شاء الله أن يفعل بها شيئاً من ذلك فعله إذا شاء، ألا ترى أن العادة قد جرت بأن المطر يُنبت به النباتُ فإذا لم يُرد الله أن يُنبت لم ينفع كثرة المطر، كما جاء في الحديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «ليس السنة أن لا تمطروا، إنما السنة أن تمطروا ثم تمطروا ولا تنبت الأرض شيئاً»، فهذه الأشياء كذلك، على أن المؤثرات في العالم من أكل الأشياء وشربها وشم أريجها ومقارنتها وملابستها واستعمالها، كذلك بمشيئة الله تعالى ... وهذه الأشياء في كثير من هذا الباب قد عُرفَت بالاستقراء والتتبع في العادات، تفعل هذه الأفعال غالباً، وقد تختل هذه فيها، ولو كان ذلك من فعلها أنفُسها لما انخرمت القاعدة فيها، ولكن بمشيئة الله تعالى، فإذا شاء أن يمضي حكمه في شيء أمضاه" (١).

[المطلب السادس: آجال الخلائق]

الأجل: هو الوقت المضروب المحدود في المستقبل (٢) , فإن أجل الشيء هو نهاية عمره، وعمره مدة بقائه، فالعمر مدة البقاء، والأجل نهاية العمر بالانقضاء (٣).


(١) كتاب فيه ذكر الوباء والطاعون، ص ٢٧ - ٢٩.
(٢) لسان العرب (١١/ ١١).
(٣) مجموع الفتاوى) ٨/ ٥١٦).

<<  <   >  >>