المشار إليه بقوله تعالى:{سَيَهْدِيهِمْ وَيُصْلِحُ بَالَهُمْ}[محمد: ٥]، وطريق النار المشار إليه بقوله تعالى:{فَاهْدُوهُمْ إِلَى صِرَاطِ الْجَحِيمِ}[الصافات: من الآية ٢٣].
ومنهم من حمله على الأدلة الواضحة، والمباحات والأعمال الرديئة ليسأل عنها ويؤاخذ بها،
وكل هذا باطل وخرافات، لوجوب رد النصوص على حقائقها، وليس العبور على الصراط بأعجب من المشي على الماء أو الطيران في الهواء، والوقوف فيه، وقد أجاب - صلى الله عليه وسلم - عن سؤال حشر الكافر على وجهه بأن القدرة صالحة لذلك، وأنكر العلامة القرافي كون الصراط أدق من الشعر وأحد من السيف، وسبقه إلى ذلك شيخه العز بن عبد السلام، والحق أن الصراط وردت به الأخبار الصحيحة، وهو محمول على ظاهره بغير تأويل كما ثبت في الصحيحين والمسانيد والسنن والصحاح مما لا يحصى إلا بكلفة من أنه جسر مضروب على متن جهنم يمر عليه جميع الخلائق، وهم في جوازه متفاوتون.
وقال المنكر لكون الصراط أدق من الشعر وأحد من السيف: هذا إن ثبت حمل على غير ظاهره لمنافاته للأحاديث الأخر من قيام الملائكة على جنبتيه، وكون الكلاليب والحسك فيه، وإعطاء كل من المارين عليه من النور قدر موضع قدميه.
قال القرافي: والصحيح أنه عريض، وقيل: طريقان يمنى ويسرى، فأهل السعادة يسلك بهم ذات اليمين، وأهل الشقاوة يسلك بهم ذات الشمال، وفيه طاقات كل طاقة تنفذ إلى طبقة من طبقات جهنم، وجهنم بين الخلق وبين الجنة، والجسر على ظهرها منصوب فلا يدخل أحد الجنة حتى يمر على جهنم، وهو معنى قوله تعالى:{وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا}[مريم: من الآية ٧١] على أحد الأقوال.
ثم قال القرافي تبعاً للحافظ البيهقي: كون الصراط أدق من الشعر وأحد من السيف لم أجده في الروايات الصحيحة، وإنما يروى عن بعض الصحابة، فيؤول بأن أمره أدق من الشعر، فإن يسر الجواز عليه وعسره على قدر الطاعات والمعاصي، ولا يعلم حدود ذلك إلا الله تعالى، وقد جرت العادة بضرب دقة الشعر مثلا للغامض الخفي، وضرب حد السيف لإسراع الملائكة في المضي لامتثال أمر الله، وإجازة الناس عليه.