للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكان أول بدعة ظهرت في الدين التفريق بين الصلاة والزكاة، والادعاء أن الزكاة لا تؤدى إلا للرسول ولا تعطي لخلفائه من بعده، فتصدى الصديق - رضي الله عنه - لهذه البدعة، وقاتل القائلين بها، ووأدها في مهدها قبل أن يستفحل ضررها وشرها، ولو ترك أبو بكر ذلك فلم يقاتلهم لانْثَلَم الإسلام، ولما التأم بعد ذلك أبداً، ولأصبحت هذه البدعة سنة مُتّبعةً يأخذ بها الناس بعدهم فيؤمنون ببعض الكتاب ويكفرون ببعض، ويفعلون ما يحلو لهم من الدين ويتركون ما لا يشتهون.

وفي عهد الفاروق - رضي الله عنه - حصلت بعض البدع الصغيرة فأماتها كاتباع متشابه القرآن، واستحلال الخمر بزعم أن القرآن يبيح ذلك، والزعم أن الصحابة لا يطبقون القرآن كله.

وفي عهد عثمان رضي الله عنه حدثت أوائل الفتنة الكبرى وهي الخروج على الإمام الحق بالسيف، وانتهت بدعتهم بمقتله - رضي الله عنه -، وكان هذا بداية فتنة عظمى في الإسلام وظهور بدعة الخوارج التي لا تزال إلى يوم القيامة، ولقد قام أهل السنة والجماعة فردوا هذه البدعة بالعلم والبرهان والدليل.

ثم توالت البدع فجاءت القدرية، وجاءت المرجئة، وجاءت الرافضة، وجاء الزنادقة، والفرق الباطنية، وجاءت الجهمية منكروا الصفات والأسماء، وكلما ظهرت بدعة من هذه البدع كان أهل الإسلام الحق لها بالمرصاد، فأما الأمراء الصالحون فقد وضعوا السيف في أصحابها ومروجيها، وأما العلماء الأبرار فقد قاموا بالرد والإبطال لها.

ولا تكاد توجد بدعة أو مقالة من مقالات الخارجين عن الكتاب والسنة إلا ولعلماء السنة والجماعة جهاد مشكور وردود تدحض هذه البدعة، وتبين زيفها وبعدها عن الحق.

والخلاصة أن موقف أهل السنة والجماعة من البدع والمبتدعة هو أنهم كشفوا اللثام عن كل قول أو فعل يخالف القرآن والسنة ويخرج عن إجماع الأمة، وصاحوا بأهل البدع من كل مكان في الأرض يبينون زيف مقالاتهم، وكذب ادعاءاتهم، وخروجهم ببدعتهم عن الإسلام

<<  <   >  >>