للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد قرر جمال الدين السرمري رحمه الله هذا الأصل في أكثر من موضع، ومن ذلك قوله:

"أقرُّ بأنَّ الله جل جلاله ... تعالى عن التشبيه والوصف والحصر (١)

سميع بصير ليس شيء كمثله ... كما جاء في القرآن إن كنت من تدري

فسبحانه من مالكٍ متكبرٍ ... تفرَّد دون الخلق بالعزِّ والقهر" (٢).

ويقصد بقوله: "تعالى عن الوصف" أي مما هو من خصائص المخلوقين.

وقال في موضع آخر: "وأشهد أن لا إله إلا الله الغني عن الشركاء، المنزه عن الأشباه والنظراء، المقدّس عن الصاحبة والوزارء، المبرئ عن الآباء والأبناء ... " (٣).

وقال في موضع آخر عن أهل الحق -أهل السنة-:

"وأثبتوا لإله العرش ما ثبتت ... فيه النقول بلا شبه يُقاس به" (٤).

وما قرره جمال الدين السرمري رحمه الله من تنزيه صفات الله - جل جلاله - عن مماثلة صفات المخلوقين هو معتقد أهل السنة والجماعة - كما تقدم -.

قال الحافظ المقدسي رحمه الله ناقلاً اتفاق السلف على نفي التشبيه والتمثيل: "اعلم وفقنا الله وإياك لما يرضيه من القول والنية والعمل، وأعاذنا وإياك من الزيغ والزلل، أن صالح السلف، وخيار الخلف، وسادة الأئمة، وعلماء الأمة، اتفقت أقوالهم، وتطابقت آراؤهم على الإيمان بالله - عز وجل -، وأنه أحد فرد صمد، حي قيوم، سميع بصير، لا شريك له ولا وزير، ولا شبيه له ولا نظير،


(١) أسماؤه تعالى ليست محصورة بعدد، يدل لذلك قوله - صلى الله عليه وسلم - في دعاء الهم: «أسألك بكل اسم هو لك، سميت به نفسك، أو أنزلته في كتابك، أو علمته أحداً من خلقك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك» فهذا يدل على أن لله أسماء استأثر بعلمها، وهذه الأسماء متضمنة لصفات لا يعلمها العباد، فأسماؤه تعالى وصفاته لا يحيط بها إلا هو، وأما العباد فلا يحيطون بها علماً، فتبين بهذا أن صفاته تعالى وأسماءه ليست محصورة بعدد، وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: «لا أحصي ثناء عليك، أنت كما أثنيت على نفسك» فالعباد لا يحصون الثناء على الله، لأنهم لا يعلمون كل ما لله من الأسماء والصفات التي يكون بها الثناء عليه سبحانه.
(٢) نهج الرشاد في نظم الاعتقاد، ص ٣١.
(٣) شفاء الآلام في طب أهل الإسلام (مخطوط) ورقة: ١ ب.
(٤) الحمية الإسلامية في الانتصار لمذهب ابن تيمية، ص ٦٦.

<<  <   >  >>