للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ووصفته بما وصف به نفسه؛ فأخبر أن معرفة القلب حصلت بتعريف الله: وهو نور الإيمان، وأن وصف اللسان حصل بكلام الله: وهو نور القرآن" (١).

وقال ابن القيم: "وهذه الطريق -يعني دلالة بعثة الأنبياء وآياتهم على وجود الله- من أقوى الطرق وأصحها وأدلها على الصانع وصفاته وأفعاله, وارتباط أدلة هذه الطريق بمدلولاتها أقوى من ارتباط الأدلة العقلية الصريحة بمدلولاتها، فإنها جمعت بين دلالة الحس والعقل، ودلالتها ضرورية بنفسها، ولهذا يسميها الله آيات بينات" (٢).

وبيان هذا الدليل من وجهين:

الوجه الأول: الآيات والبراهين -وهي المعجزات:

من المعلوم أن الرسول إذا جاء قومه وادعى أنه رسول الله يُوحَى إليه بأنه لا إله إلا الله، أيده الله وصدقه بآية، فههنا أمور:

الأول: دعواه أنه رسول.

الثاني: أن الله هو الذي أرسله سواء كان المُخاطَب يقر بوجوده أو لا يقر.

الثالث: أنه مرسل لدعوة الناس إلى إفراد الله بالألوهية.

فإذا جاء الرسول بآية وهي العلامة التي تدل على صدقه ثبتت الرسالة وكذلك الربوبية ضمناً.

الوجه الثاني: العلوم والأحكام المتضمنة لمصالح الخلق التي جاءوا بها:

أولا: العلوم:

لا يُعقل أن يتحدث الإنسان ويخبر بأشياء غيبية ويصدق فيها دائماً دون تردد، ودون أن يجرب عليه كذب إلا إذا كان مُوحى إليه، فيدل ذلك على صدقه في الرسالة، وعلى وجود الخالق سبحانه، لأنه هو الذي أطلعه على ذلك.


(١) مجموع الفتاوى (٢/ ١٨).
(٢) الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة (٣/ ١١٩٧).

<<  <   >  >>