للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وسيلة إلى الشرك، كالرياء والحلف بغير الله والطيرة وبناء المساجد على القبور والعكوف عندها، وكذلك الألفاظ التي توهم الندية بين الله وبعض خلقه؛ كل ذلك حياطة لجناب التوحيد ورعاية له.

فهذا النوع من التوحيد له أهمية عظيمة، قال الشيخ سليمان بن عبدالله بن محمد بن عبدالوهاب: "وهذا التوحيد، هو أول الدين وآخره، وباطنه وظاهره، وهو أول دعوة الرسل وآخرها، وهو معنى قول (لا إله إلا الله) ... ولأجل هذا التوحيد خلقت الخليقة، وأرسلت الرسل، وأنزلت الكتب، وبه افترق الناس إلى مؤمنين وكفار، وسعداء أهل الجنة، وأشقياء أهل النار ... " (١).

وقال الشيخ عبدالرحمن السعدي رحمه الله: "يكاد القرآن أن يكون كله لتقرير التوحيد ونفي ضده، وأكثر الآيات يقرر الله فيها توحيد الإلهية وإخلاص العبادة لله وحده لا شريك له، ويخبر أن جميع الرسل تدعو قومها إلى أن يعبدوا الله ولا يشركوا به شيئاً، وأن الله تعالى إنما خلق الجن والإنس ليعبدوه، وأن الكتب والرسل اتفقت على هذا الأصل الذي هو أصل الأصول كلها، وأن من لم يدن بهذا الدين الذي هو إخلاص العمل لله فعمله باطل {لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ} [الزُّمَر: من الآية ٦٥]، {وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [الأنعام: من الآية ٨٨].

ويدعو العباد إلى ما تقرر في فطرهم وعقولهم، من أن المنفرد بالخلق والتدبير والمتفرد بالنعم الظاهرة والباطنة هو الذي لا يستحق العبادة إلا هو، وأن سائر الخلق ليس عندهم خلق ولا نفع ولا دفع، ولن يغنوا عن أحد من الله شيئاً، ويدعوهم أيضاً إلى هذا الأصل بما يمتدح به ويثني على نفسه الكريمة، من تفرده بصفات العظمة والمجد والجلال والكمال، وأن من له هذا الكمال المطلق الذي لا يشاركه فيه مشارك أحق من أخلصت له الأعمال الظاهرة والباطنة.

ويقرر هذا التوحيد بأنه هو الحاكم وحده فلا يحكم غيره شرعاً ولا جزاء {إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا


(١) تيسير العزيز الحميد (١/ ١٢٤ - ١٢٥).

<<  <   >  >>