للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

رحمه الله في سياق حديثه على النهي عن اعتقاد العدوى: "وكذلك الطيرة التي هي قرينة العدوى ... وممن روى: «لا طيرة» ابن عباس، وأنس، وأبو هريرة، وغيرهم؛ وعن عمرو بن العاص عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «من أرجعته الطيرة من حاجة فقد أشرك» قالوا: فما كفارة ذلك يا نبي الله؟ قال: «أن يقول أحدهم: اللهم لا طير إلا طيرك ولا خير إلا خيرك، ولا إله غيرك، ثم يمضي في حاجته» ... وأما ما روي عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إن الطيرة في ثلاث: في الدار والمرأة والفرس»، فالجواب عنه: أن عائشة رضي الله عنها طعنت عليه وبيَّنت تثبيت الحديث، وذنك أنها ذُكر لها قول أبي هريرة، فقالت: لم يحفظ أبو هريرة، ودخل علينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «قاتل الله اليهود، يزعمون أن الشؤم في الدار والمرأة والفرس» فسمع أبو هريرة آخر الحديث ولم يسمع أوله، وفي رواية: أن رجلين دخلا على عائشة فقالا: إن أبا هريرة يحدث عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إن الطيرة في ثلاث: في الدار والمرأة والفرس» فغضبت عائشة رضي الله عنها غضباً شديداً، وقالت: والذي أنزل القرآن على أبي القاسم ما قاله، إنما قال: «أهل الجاهلية يتطيرون من ذلك»؛ فقد بينت عائشة وجه الحديث وسببه، وأن ذلك من قول اليهود والجاهلية، وبينت أن أبا هريرة لم يسمع أول الحديث.

وقد تأول قوم حديث أبي هريرة في أن الشؤم في المرأة إذا كانت لا تلد أو سيئة الخلق، وفي

الدار إذا كانت بعيد عن المسجد أو ضيقة وجيرانها جيران سوء، وفي الدابة إذا كانت تعضُّ أو ترفس أو كانت مربوطة للفخر والخيلاء، كما جاء في الحديث: «الخيل ثلاثة: لرجل أجر، ولرجل ستر، ولرجل وزر، فأما الذي عليه وزر فرجل ربطها فخراً ورياءً وبطراً لأهل الإسلام فهي له وزر» وأعظم الشؤم ما جرَّ لصاحبه الوزر، ولقوله - صلى الله عليه وسلم -: «من سعادة المرء: المرأة الصالحة، والمسكن الصالح، والمركب الصالح، ومن شقوة المرء: المرأة السوء، والمسكن السوء، والمركب السوء».

فأما ما روى أنس أن رجلاً جاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله، إنا نزلنا داراً فكثر فيها عددنا وكثرت فيها أموالنا، ثم تحولنا عنها إلى أخرى، فقلَّت فيها أموالنا، وقل فيها عددنا، فقال

<<  <   >  >>