للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بين الدنيا والآخرة (١)، قال تعالى: {وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ} [المؤمنون: من الآية ١٠٠].

ومن أصول مذهب أهل السنة والجماعة، ولوازم الإيمان باليوم الآخر، الإيمان بما يحصل في حياة البرزخ.

وقد أشار الإمام جمال الدين السرمري إلى هذه الحياة، ونص على ما ورد فيها من ضمة القبر، وتسمية الملكين اللذين يسألان العبد في القبر أنهما منكر ونكير، وأنه يستثنى من هذا السؤال الرسل عليهم السلام.

فقال في منظومته في الاعتقاد:

"وموت الورى حق ومن بعد بعثهم ... وبينهما لا شك في عصرة القبر

ويسألهم فيه نكير ومنكر ... عدا الرسل أرجوا الله يلهمني عذري" (٢).

وما أشار إليه الإمام جمال الدين السرمري من إثبات حياة البرزخ وما يحصل فيها هو مذهب أهل السنة والجماعة.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "مذهب سائر المسلمين بل وسائر أهل الملل إثبات (القيامة الكبرى) وقيام الناس من قبورهم والثواب والعقاب هناك، وإثبات الثواب والعقاب في البرزخ -مابين الموت إلى يوم القيامة- هذا قول السلف قاطبة وأهل السنة والجماعة، وإنما أنكر ذلك في البرزخ قليل من أهل البدع، لكن من أهل الكلام من يقول: هذا إنما يكون على البدن فقط كأنه ليس عنده نفس تفارق البدن، كقول من يقول ذلك من المعتزلة والأشعرية، ومنهم من يقول: بل هو على النفس فقط بناء على أنه ليس في البرزخ عذاب على البدن ولا نعيم كما يقول ذلك ابن مسرة وابن حزم، ومنهم من يقول: بل البدن ينعم ويعذب بلا حياة فيه كما


(١) انظر: معجم مقاييس اللغة (١/ ٣٣٣)؛ لوامع الأنوار البهية وسواطع الأسرار الأثرية لشرح الدرة المضية في عقد الفرقة المرضية (٢/ ٤)، لشمس الدين السفاريني، الطبعة الثانية ١٤٠٢، مؤسسة الخافقين ومكتبتها، دمشق؛ إعانة المستفيد بشرح كتاب التوحيد، لصالح الفوزان، الطبعة الثالثة ١٤٢٣، مؤسسة الرسالة.
(٢) نهج الرشاد في نظم الاعتقاد، ص ٣٨.

<<  <   >  >>