للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يستراح من فاجر" (١).

فعلى هذا القول يدخل في الجماعة مجتهدو الأمة وعلماؤها وأهل الشريعة العاملون بها، ومن سواهم داخلون في حكمهم، لأنه تابعون لهم ومقتدون بهم، فكل من خرج عن جماعتهم

فهم الذين شذوا، ويدخل في هؤلاء جميع أهل البدع لأنهم مخالفون لمن تقدم من الأمة، لم يدخلوا في سوادهم بحال.

٢ - أن الجماعة هي جماعة أئمة العلماء المجتهدين، فمن خرج عما عليه جماعة علماء الأمة مات ميتة جاهلية، لأن الله تعالى جعلهم حجة على العالمين، وأما العامة فعنها تأخذ دينها، وإليها تفزع في النوازل، وهي تبع لها، وممن قال بهذا عبدالله بن المبارك وإسحاق بن راهويه وجماعة من السلف وهو رأي الأصوليين، فقيل لعبدالله بن المبارك من الجماعة الذين ينبغي أن يقتدى بهم؟ قال: "أبو بكر وعمر، فلم يزل يحسب حتى انتهى إلى محمد بن ثابت والحسين بن واقد، فقيل: هؤلاء ماتوا، فمن الأحياء؟ قال: أبو حمزة السكري" (٢).

فعلى هذا القول لا مدخل في هذا السواد لمن ليس بعالم مجتهد، لأنه داخل في أهل التقليد، فمن عمل منهم بما يخالفهم فهو صاحب الميتة الجاهلية، ولا يدخل فيهم أيضاً أحد المبتدعين، لأن البدعة قد أخرجته عن نمط من يعتد بأقواله.

٣ - أن الجماعة هي جماعة الصحابة على الخصوص، فإنهم الذين أقاموا عماد الدين وأرسوا أوتاده، وهم الذين لا يجتمعون على ضلالة أصلاً، ولأنهم المتلقون لكلام النبوة الذين فهموا مراد الله بالتلقي من نبيه مشافهة، على علم وبصيرة بمواطن التشريع وقرائن الأحوال بخلاف غيره، فإن فيه لأهل الاجتهاد مجالاً للنظر رداً أو قبولاً، فأهل البدع إذاً غير داخلين فيه، وممن قال بهذا القول عمر بن عبدالعزيز.

٤ - أن الجماعة هي جماعة أهل الإسلام، إذا أجمعوا على أمر فواجب على غيرهم من


(١) الاعتصام (٣/ ٢٠٩).
(٢) الاعتصام (٣/ ٢١١).

<<  <   >  >>