للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بعدهم في اتباعهم من الخلف" (١) , وفي هذا يقول شيخ الإسلام ابن تيمية في معرض كلامه عن

أن أول الواجبات هو الإيمان لا النظر: "وتقرير الحجة في القرآن بالرسل كثير ... ولهذا كان طائفة من المصنفين للسنن على الأبواب، إذا جمعوا فيها أصناف العلم، ابتدءوها بأصل العلم والإيمان، كما ابتدأ (البخاري صحيحه) ببدء الوحي ونزوله، فأخبر عن صفة نزول العلم والإيمان على الرسول أولاً، ثم أتبعه بكتاب الإيمان الذي هو الإقرار بما جاء عنه، ثم بكتاب العلم الذي هو معرفة ما جاء به، فرتبه الترتيب الحقيقي، وكذلك الإمام أبو محمد الدرامي صاحب (المسند) ابتدأ كتابه بدلائل النبوة، وذكر في ذلك طرفاً صالحاً، وهذا الرجلان أفضل بكثير من مسلم والترمذي ونحوهما، ولهذا كان أحمد بن حنبل يعظم هذين ونحوهما، لأنهما فقهاء في الحديث أصولاً وفروعاً" (٢).

وهذا الاعتصام من جمال الدين السرمري بمنهج السلف هو ما كان عليه الأئمة والعلماء من قبله، فقد اعتبروا أن من أصول أهل السنة والجماعة هو تمسكهم بمنهج السلف والاقتداء بهم واتباع سبيلهم والنهي عن مخالفتهم.

قال الأوزاعي: "اصبر نفسك على السنة وقف حيث وقف القوم وقل بما قالوا وكف عما كفوا واسلك سبيل سلفك الصالح فإنه يسعك ما وسعهم ... ولو كان خيراً ما خصصتم به دون أسلافكم فإنه لم يدخر عنهم خير خبئ لكم دونهم لفضل عندكم وهم أصحاب نبيه - صلى الله عليه وسلم - الذين اختارهم وبعثه فيهم ووصفهم بما وصفهم به فقال: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا} [الفتح: من الآية ٢٩] " (٣). وقال الإمام أحمد رحمه الله: "أصول السنة عندنا التمسك بما كان عليه أصحاب رسول الله


(١) إحكام الذريعة إلى أحكام الشريعة، ص ٧٢.
(٢) مجموع الفتاوى (٢/ ٣ - ٤).
(٣) شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة للإمام اللالكائي (١/ ١٧٤).

<<  <   >  >>