للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَكَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقْنُتُ فِي الصَّلَاةِ، وَيَقُولُ اللَّهُمَّ أَنْجِ الْوَلِيدَ بْنَ الوليد بن المغيرة (١) وأبوه وكان مِنْ أَعْظَمِ النَّاسِ كُفْرًا، وَهُوَ الْوَحِيدُ الْمَذْكُورُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا} (٢) وَفِي الصَّحَابَةِ مَنِ اسْمُهُ عَمْرٌو، وَفِي الْمُشْرِكِينَ من اسمه عمرو بن عبدود، وَأَبُو جَهْلٍ اسْمُهُ عَمْرُو بْنُ هِشَامٍ.

وَفِي الصَّحَابَةِ خَالِدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ مِنَ السَّابِقِينَ الْأَوَّلِينَ، وَفِي الْمُشْرِكِينَ خَالِدُ بْنُ سُفْيَانَ الْهُذَلِيُّ.

وَفِي الصَّحَابَةِ مَنِ اسْمُهُ هِشَامٌ مِثْلُ هِشَامِ بْنِ حَكِيمٍ، وَأَبُو جَهْلٍ كَانَ اسْمُ أَبِيهِ هِشَامًا. وَفِي الصَّحَابَةِ مَنِ اسْمُهُ عُقْبَةُ مِثْلُ أَبِي مَسْعُودٍ عُقْبَةَ بْنِ عَمْرٍو الْبَدْرِيِّ، وَعُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ الْجُهَنِيِّ، وَكَانَ فِي الْمُشْرِكِينَ عُقْبَةُ بْنُ أَبِي مُعَيْطٍ.

وَفِي الصَّحَابَةِ عَلِيٌّ وَعُثْمَانُ، وَكَانَ فِي الْمُشْرِكِينَ مَنِ اسْمُهُ عَلِيٌّ مِثْلُ عَلِيِّ بْنِ أُمَيَّةَ بْنِ خَلَفٍ، قُتِلَ يوم بدر كافرا، ومثل عثمان بن طَلْحَةَ قُتِلَ قَبْلَ أَنْ يُسْلِمَ، وَمِثْلُ هَذَا كَثِيرٌ.

فَلَمْ يَكُنِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْمُؤْمِنُونَ يَكْرَهُونَ اسْمًا مِنَ الْأَسْمَاءِ لِكَوْنِهِ قَدْ تَسَمَّى بِهِ كَافِرٌ مِنَ الْكُفَّارِ، فَلَوْ قدر أن المسلمين بهذه الْأَسْمَاءِ كُفَّارٌ، لَمْ يُوجِبْ ذَلِكَ كَرَاهَةَ هَذِهِ الْأَسْمَاءِ مَعَ الْعِلْمِ لِكُلِّ أَحَدٍ بِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَدْعُوهُمْ بِهَا، وَيُقِرُّ النَّاسَ عَلَى دُعَائِهِمْ بِهَا.

وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ يَزْعُمُ أَنَّهُمْ كَانُوا مُنَافِقِينَ، وَكَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَعْلَمُ أَنَّهُمْ مُنَافِقُونَ، وَهُوَ مَعَ هَذَا يَدْعُوهُمْ بِهَا، وَعَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قد سمى بها أولاده فَعُلِمَ أَنَّ جَوَازَ الدُّعَاءِ بِهَذِهِ الْأَسْمَاءِ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الْمُسَمَّى بِهَا مُسْلِمًا أَوْ كَافِرًا أَمْرٌ مَعْلُومٌ مِنْ دِينِ الْإِسْلَامِ، فَمَنْ كَرِهَ أَنْ يَدْعُوَ أَحَدًا بِهَا كَانَ مِنْ أَظْهَرِ النَّاسِ مُخَالَفَةً لِدِينِ الْإِسْلَامِ، ثُمَّ مَعَ هَذَا إِذَا تَسَمَّى الرَّجُلُ عِنْدَهُمْ بِاسْمِ عَلِيٍّ، أَوْ جَعْفَرٍ أَوْ حَسَنٍ أَوْ حُسَيْنٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ، عَامَلُوهُ وَأَكْرَمُوهُ، وَلَا دَلِيلَ لَهُمْ فِي ذلك على أنه منهم.

ومن حماقاتهم أَيْضًا أَنَّهُمْ يَجْعَلُونَ لِلْمُنْتَظِرِ عِدَّةَ مَشَاهِدَ يَنْتَظِرُونَهُ فيها، كالسرداب الذي بسامرا الذي يزعمون أنه غائب فيه.

ومشاهد أخرى وقد يُقِيمُونَ هُنَاكَ دَابَّةً إِمَّا بَغْلَةً وَإِمَّا فَرَسًا، وَإِمَّا غَيْرَ ذَلِكَ لِيَرْكَبَهَا إِذَا خَرَجَ، وَيُقِيمُونَ هُنَاكَ إِمَّا فِي طَرَفَيِ النَّهَارِ وَإِمَّا فِي


(١) انظره في البخاري ج٦ص٤٨-٤٩.
(٢) الآية ١١ من سورة المدثر.

<<  <   >  >>