للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَإِنَّمَا هِيَ فِي الْوِلَايَةِ الَّتِي هِيَ ضِدُّ الْعَدَاوَةِ.

وَالرَّافِضَةُ مُخَالِفُونَ لَهَا، وَالْإِسْمَاعِيلِيَّةُ وَالنَّصِيرِيَّةُ وَنَحْوُهُمْ يُوَالُونَ الْكُفَّارَ، مِنَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُنَافِقِينَ، ويعادون المؤمنين من المهاجرين والأنصار والذين اتبوعهم بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، وَهَذَا أَمْرٌ مَشْهُورٌ.

يُعَادُونَ خِيَارَ عِبَادِ اللَّهِ الْمُؤْمِنِينَ وَيُوَالُونَ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى وَالْمُشْرِكِينَ مِنَ التُّرْكِ وَغَيْرِهِمْ، وَقَالَ تَعَالَى: {َيا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِين} (١) . أي الله كافيك ومن اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ، وَالصَّحَابَةُ أَفْضَلُ مَنِ اتَّبَعَهُ من المؤمنين، وأولهم وَقَالَ تَعَالَى: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللهِ وَالفَتْح وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللهِ أَفْوَاجًا فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا} .

وَالَّذِينَ رَآهُمُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا هُمُ الَّذِينَ كَانُوا عَلَى عَصْرِهِ، وَقَالَ تَعَالَى: {ُهوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ} (٢) . وَإِنَّمَا أَيَّدَهُ فِي حَيَاتِهِ بِالصَّحَابَةِ، وَقَالَ تَعَالَى:

{وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُوْلَئِكَ هُمُ المتُّقُون لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ذَلِكَ جَزَاءُ الْمُحْسِنِين لِيُكَفِّرَ اللهُ عَنْهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي عَمِلُوا وَيَجْزِيَهُم أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُون} (٣) .

وَهَذَا الصِّنْفُ الَّذِي يَقُولُ الصِّدْقَ، وَيُصَدِّقُ بِهِ خِلَافُ الصِّنْفِ الَّذِي يَفْتَرِي الْكَذِبَ أَوْ يُكَذِّبَ بِالْحَقِّ، لَمَّا جَاءَهُ كَمَا سَنَبْسُطُ الْقَوْلَ فِيهِمَا إن شاء الله تعالى.

وَالصَّحَابَةُ الَّذِينَ كَانُوا يَشْهَدُونَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَأَنَّ الْقُرْآنَ حَقٌّ، هُمْ أَفْضَلُ مَنْ جَاءَ بِالصِّدْقِ وصدق به، بعد الأنبياء وَلَيْسَ فِي الطَّوَائِفِ الْمُنْتَسِبَةِ إِلَى الْقِبْلَةِ أَعْظَمُ افْتِرَاءٍ لِلْكَذِبِ عَلَى اللَّهِ وَتَكْذِيبًا بِالْحَقِّ مِنَ الْمُنْتَسِبِينَ إِلَى التَّشَيُّعِ. وَلِهَذَا لَا يُوجَدُ الْغُلُوُّ فِي طَائِفَةٍ أَكْثَرَ مِمَّا يُوجَدُ فِيهِمْ.

وَمِنْهُمْ مَنِ ادَّعَى إِلَهِيَّةِ الْبَشَرِ، وَادَّعَى النُّبُوَّةَ فِي غير النبي صلى الله تعالى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَادَّعَى الْعِصْمَةَ فِي الْأَئِمَّةِ، وَنَحْوَ ذَلِكَ مِمَّا هُوَ أَعْظَمُ مِمَّا يُوجَدُ فِي سائر الطوائف، واتفق أهل العلم أن


(١) الآية ٦٤ من سورة الأنفال.
(٢) الآية ٦٢ من سورة الأنفال.
(٣) الآيات ٣٣-٣٥ من سورة الزمر.

<<  <   >  >>