للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الكذب ليس في طائفة من المنتسبين إلى القبلة أكثر منه فيهم، وقال تعالى: {ُ قلِ الْحَمْدُ ِللهِ وَسَلاَمٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى} . قَالَ طَائِفَةٌ مِنَ السَّلَفِ هُمْ أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ صلى الله تعالى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَا رَيْبَ أَنَّهُمْ أَفْضَلُ الْمُصْطَفِينَ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ، الَّتِي قَالَ اللَّهُ فِيهَا: {ُثمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُم ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُم مُقْتَصِد وَمِنْهُم سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الفَضْلُ الكَبِير جَنَّات عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا وَلِبَاسُهُم فِيها حَرِير وَقَالوا الْحَمْدُ ِللهِ الَّذي أَذْهَبَ عَنَّا الحَزَن إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُور الَّذِي أَحَلَّنَا دَارَ المُقَامَةِ مِنْ فَضْلِهِ لاَ يَمَسّنَا فِيهَا نَصبٌ وَلاَ يَمَسُّنَا فيها لُغُوب} (١) .

فأمة محمد صلى الله تعالى عليه وسلم الَّذِينَ أُورِثُوا الْكِتَابَ بَعْدَ الْأُمَّتَيْنِ قَبْلَهُمْ الْيَهُودِ والنصارى.

وقد أخبر الله تعالى أَنَّهُمُ الَّذِينَ اصْطَفَى.

وَتَوَاتَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى الله تعالى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: ((خَيْرُ الْقُرُونِ الْقَرْنُ الذي بعثت فيه، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ)) ، وَمُحَمَّدٌ صلى الله تعالى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ هُمُ الْمُصْطَفُونَ، مِنَ الْمُصْطَفِينَ من عباد الله وَقَالَ تَعَالَى: {ُمحمدٌ رَسُولُ اللهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءَ عَلَى الْكُفَّارُ رُحَمَاءَ بَيْنَهُم} (٢) إِلَى آخَرِ السورة. وَقَالَ تَعَالَى {وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِم وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُم وَلَيُبْدِلَنَّهُم مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لاَ يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الفَاسِقُون} (٣) . فَقَدْ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ بِالِاسْتِخْلَافِ، كَمَا وَعَدَهُمْ فِي تِلْكَ الْآيَةِ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا، وَاللَّهُ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ.

فَدَلَّ ذلك أَنَّ الَّذِينَ اسْتَخْلَفَهُمْ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَمَكَّنَ لَهُمْ دِينَ الْإِسْلَامِ، وَهُوَ الدِّينُ الَّذِي ارْتَضَاهُ لَهُمْ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دينًا} (٤) وبدلهم بعد خوفهم أمنا لهم (٥) المغفرة والأجر العظيم.


(١) الآيات ٣٢ - ٣٥ من سورة فاطر.
(٢) الآية ٢٩ من سورة الفتح.
(٣) الآية ٥٥ من سورة النور.
(٤) جزء من الآية رقم ٣ من سورة المائدة.
(٥) قوله " لهم المغفرة والأجر العظيم " خبر عن قوله فدل ذلك الخ.

<<  <   >  >>