القحط بدعاء النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
ثم خوفهم، فقال: {قُلْ سِيرُوا فِي الأَرْضِ} [الروم: ٤٢] مسافرين، {فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلُ} [الروم: ٤٢] لتروا مساكنهم ومنازلهم خاوية، وقوله: {كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُشْرِكِينَ} [الروم: ٤٢] أي: كانوا مشركين فأهلكوا بكفرهم.
{فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ الْقَيِّمِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللَّهِ يَوْمَئِذٍ يَصَّدَّعُونَ {٤٣} مَنْ كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلأَنْفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ {٤٤} لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ {٤٥} } [الروم: ٤٣-٤٥] {فَأَقِمْ وَجْهَكَ} [الروم: ٤٣] قال الزجاج: أجعل جهتك إتباع الدين القيم، وهو الإسلام المستقيم.
{مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللَّهِ} [الروم: ٤٣] يعني: يوم القيامة، لا يقدر أحد على رد ذلك اليوم، يومئذ يصدعون يتفرقون بعد الحساب إلى الجنة والنار.
و {مَنْ كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ} [الروم: ٤٤] جزاء كفره، {وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلأَنْفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ} [الروم: ٤٤] يوطئون لأنفسهم منازلهم، يقال: مهدت لنفسي خيرا، أي هيأته ووطأته.
{لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْ فَضْلِهِ} [الروم: ٤٥] قال ابن عباس: ليثيبهم الله أكثر من ثواب أعمالهم.
{إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ} [الروم: ٤٥] لا يثيبهم ولا يثني عليهم.
قوله: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ يُرْسِلَ الرِّيَاحَ مُبَشِّرَاتٍ وَلِيُذِيقَكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَلِتَجْرِيَ الْفُلْكُ بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ {٤٦} وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ رُسُلا إِلَى قَوْمِهِمْ فَجَاءُوهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَانْتَقَمْنَا مِنَ الَّذِينَ أَجْرَمُوا وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ {٤٧} } [الروم: ٤٦-٤٧] {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ يُرْسِلَ الرِّيَاحَ مُبَشِّرَاتٍ} [الروم: ٤٦] تبشر بالمطر، {وَلِيُذِيقَكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ} [الروم: ٤٦] يعني: الغيث والخصب، ولتجري الفلك في البحر بتلك الرياح، بأمره ولتبتغوا في البحر، من فضله يعني: الرزق بالتجارة وكل هذا بالرياح، ولعلكم تشكرون هذه النعم فتوحدونه.
ثم عزى، فقال: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ رُسُلا إِلَى قَوْمِهِمْ فَجَاءُوهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ} [الروم: ٤٧] بالدلالات الواضحات على صدقهم، {فَانْتَقَمْنَا مِنَ الَّذِينَ أَجْرَمُوا} [الروم: ٤٧] عذبنا الذين كذبوهم وكفروا بآياتنا، {وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا} [الروم: ٤٧] واجبا وجوبا، هو أوجبه على نفسه، نصر المؤمنين إنجاؤهم مع الرسل من عذاب الأمم، وفي هذا تبشير للنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالظفر في العاقبة والنصر على من كذبه.
ثم أخبر عن صنعه ليعرفوا توحيده، فقال: {اللَّهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَيَبْسُطُهُ فِي السَّمَاءِ كَيْفَ يَشَاءُ وَيَجْعَلُهُ كِسَفًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ فَإِذَا أَصَابَ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ {٤٨} وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ مِنْ قَبْلِهِ