وإن كانوا وما كانوا، {مِنْ قَبْلِ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ}[الروم: ٤٩] المطر، من قبله كرره للتأكيد، لمبلسين آيسين قانطين من المطر.
قوله:{فَانْظُرْ إِلَى آثَارِ رَحْمَتِ اللَّهِ}[الروم: ٥٠] بعد إنزال المطر، انظر إلى حسن تأثيره في الأرض، ويقرأ آثار على الجمع، فمن أفرد فلأنه مضاف إلى مفرد، ومن جمع جاز، لأن رحمة الله يجوز أن يراد بها الكثرة، كما قال:{وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ}[النحل: ١٨] قال مقاتل: أثر رحمة الله هو النبت، وهو أثر المطر، والمطر رحمة الله ونعمته على خلقه.
وقوله:{كَيْفَ يُحْيِي الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا}[الروم: ٥٠] أي: كيف يجعلها تنبت بعد أن لم تكن فيها نبت، إن ذلك الذي فعل ما ترون، وهو الله تعالى، لمحيي الموتى في الآخرة، {وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}[الروم: ٥٠] البعث والموت.
ثم عاب كافر النعمة والجاهل بأن الله يفعل ما يشاء، فقال:{وَلَئِنْ أَرْسَلْنَا رِيحًا}[الروم: ٥١] باردة مضرة، والريح إذا أتت بلفظ الإفراد أريد بها العذاب، ولهذا كان رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول عند هبوب الريح:«اللهم اجعلها رياحا ولا تجعلها ريحا» .
قوله: فرأوه يعني: النبت والزرع الذي كان من أثر رحمة الله، مصفرا من البرد بعد الخضرة، لظلوا لصاروا، من بعده اصفرار النبت يجحدون ما سلف من النعمة، يعني أنهم يفرحون عند الخصب، ولو أرسلنا عذابا على زرعهم كفروا نعمي، وليس كذا حال المؤمن، لأنه لا يستشعر الخيبة والكفران عند الشدة والمنة.