قال المفسرون: إنهم لما رأوا أعمالهم، ونظروا في كتابهم، وأدخلوا النار، مقتوا أنفسهم لسوء صنيعهم، ناداهم مناد: لمقت الله إياكم في الدنيا، {أَكْبَرُ مِنْ مَقْتِكُمْ}[غافر: ١٠] ، {إِذْ تُدْعَوْنَ إِلَى الإِيمَانِ فَتَكْفُرُونَ}[غافر: ١٠] أنفسكم اليوم.
قال قتادة: ينادون يوم القيامة لمقت الله أهل الضلالة، حين عرض عليهم الإيمان في الدنيا فتركوه، أكبر مما مقتوا أنفسهم حين عاينوا عذاب الله.
ثم أخبر عما يقولون في النار بقوله:{قَالُوا رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ}[غافر: ١١] أي: كنا نطفا في الدنيا أمواتا، فخلقت فينا الحياة، ثم أمتنا وبعثتنا بعد الموت، وهذا كقوله:{وَكُنْتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ}[البقرة: ٢٨] وإنما قالوا هذا، لأنهم كانوا قد كذبوا في الدنيا بالبعث، فاعترفوا في النار بما كذبوا به، وهو قوله: فاعترفنا بذنوبنا أي: بالتكذيب، وما كنا نكذب به في الدنيا، ثم سألوا الرجعة، فقالوا:{فَهَلْ إِلَى خُرُوجٍ مِنْ سَبِيلٍ}[غافر: ١١] هل من خروج من النار إلى الدنيا فنعمل بطاعتك؟ قال الله تعالى لهم: ذلكم أي: ذلكم العذاب الذي نزل بكم، {بِأَنَّهُ إِذَا دُعِيَ اللَّهُ وَحْدَهُ كَفَرْتُمْ}[غافر: ١٢] إذا قيل: لا إله إلا الله، أنكرتم، وقلتم:{أَجَعَلَ الآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا}[ص: ٥] .
{وَإِنْ يُشْرَكْ بِهِ تُؤْمِنُوا}[غافر: ١٢] : وإن يجعل له شريك، تؤمنوا: تصدقوا ذلك الذي أشرك، وتشهدوا أن له شريكا، فالحكم لله أي: أنه حكم بعذاب من أشرك به، ولا يرد حكمه، العلي الكبير الذي لا أعلى منه، ولا أكبر.