يرده بقوله:{إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ}[الأنبياء: ٩٨] الآية، وإنما أراد أوثانهم، ولكنهم ألزموه عيسى جدالا، وعنتا، وضربوه مثلا لآلهتهم، وشبهوه بها في أنه معبود للنصارى من دون الله، وقوله:{إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ}[الزخرف: ٥٧] يعني: قومه الكفار، كانوا يضجون ضجيج المجادلة حيث خاصموه، وقالوا: رضينا أن تكون آلهتنا بمنزلة عيسى.
وهو قوله:{وَقَالُوا أَآلِهَتُنَا خَيْرٌ أَمْ هُوَ}[الزخرف: ٥٨] أي: ليست آلهتنا خيرا من عيسى، فإن كان عيسى في النار بأنه يعبد من دون الله فكذلك آلهتنا، وقرئ يصدون بكسر الصاد وضمها، قال الفراء، والزجاج، والأخفش، والكسائي: هما لغتان، معناهما: يضجون.
قال الله تعالى:{مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلا جَدَلا}[الزخرف: ٥٨] قال مقاتل: ما وصفوا لك ذكر عيسى إلا ليجادلوك به، لأنهم قد علموا أن المراد بحصب جهنم ما اتخذوه من الموات، ثم ذكر أنهم أصحاب خصومات، فقال:{بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ}[الزخرف: ٥٨] .
ثم ذكر عيسى، فقال:{إِنْ هُوَ إِلا عَبْدٌ أَنْعَمْنَا عَلَيْهِ}[الزخرف: ٥٩] أي: بالنبوة، {وَجَعَلْنَاهُ مَثَلا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ}[الزخرف: ٥٩] آية وعبرة لهم، يعرفون به قدرة الله على ما يريد، حيث خلقه من غير أب، فهو مثل لهم يشبهون به ما يرون من أعاجيب صنع الله.
ثم خاطب كفار مكة، فقال:{وَلَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَا مِنْكُمْ مَلائِكَةً}[الزخرف: ٦٠] أي: لو نشاء أهلكناكم، وجعلنا بدلا منكم ملائكة، {فِي الأَرْضِ يَخْلُفُونَ}[الزخرف: ٦٠] يكونون خلفا منكم، قال الأزهري: ومن قد تكون للبدل، كقوله: جعلنا منكم، يريد: بدلا منكم.
ثم رجع إلى ذكر عيسى، فقال:{وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ}[الزخرف: ٦١] يعني: نزول عيسى من أشراط الساعة، يعلم به قربها، {فَلا تَمْتَرُنَّ بِهَا}[الزخرف: ٦١] قال ابن عباس: لا تكذبون بها.
واتبعون على التوحيد، هذا الذي أنا عليه، صراط مستقيم من دين إبراهيم.