{فَأَعْرِضْ عَنْ مَنْ تَوَلَّى عَنْ ذِكْرِنَا}[النجم: ٢٩] يعني: القرآن، وهذا مما نسخته آية القتال.
ثم صغر رأيهم، فقال:{ذَلِكَ مَبْلَغُهُمْ مِنَ الْعِلْمِ}[النجم: ٣٠] أي: لم يبلغوا من العلم إلا ظنهم أن الملائكة بنات الله، وأن الأصنام تشفع لهم، فاعتمدوا ذلك، وأعرضوا عن القرآن، {إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ}[النجم: ٣٠] أي: أنه عالم بهم، فهو يجازيهم، {وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اهْتَدَى}[النجم: ٣٠] أي: أنه عالم بالفريقين، فلا يذهب عليه جزاؤهما.
{وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ}[النجم: ٣١] إخبار عن قدرته، وسعة ملكه، وهذا معترض بين الآية الأولى، وبين قوله:{لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاءُوا}[النجم: ٣١] الآية، واللام في ليجزي متعلق بمعنى الآية الأولى، لأنه إذا كان أعلم بهم، جازى كلا بما يستحقه، وهي لام العاقبة، وذلك لأن علمه بالفريقين أدى إلى جزائهم باستحقاقهم، وإنما يقدر على مجازاة المحسن والمسيء إذا كان كثير الملك، لذلك أخبر به في قوله:{وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ لِيَجْزِيَ}[النجم: ٣١] في الآخرة، الذين أساءوا أشركوا، بما عملوا من الشرك، {وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا}[النجم: ٣١] وحدوا ربهم، بالحسنى بالجنة.
ثم نعتهم، فقال:{الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الإِثْمِ}[النجم: ٣٢] وهو: كل ذنب ختم بالنار، والفواحش كل ذنب فيه الحد، وقرأ حمزة كبير الإثم لأنه مضاف إلى واحد في اللفظ، وإن كان يراد به الكثرة، فلتوحيده في اللفظ وحد الكبير، وقوله: إلا اللمم يعني: صغائر الذنوب، كالنظرة، والقبلة، وما كان دون الزنا، وهذا قول ابن مسعود، وأبي هريرة، والشعبي، ويصدق هذا ما: