للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من الْجِنّ يُقَال لَهُ "عنتر" يُخبرهُ بأَشْيَاء فَيصدق تَارَة ويكذب تَارَة، فَلَمَّا ذكرت لَهُ: إِنَّك تعبد شَيْطَانا من دون الله، اعْترف بِأَنَّهُ يَقُول لَهُ: يَا عنتر لَا سُبْحَانَكَ إِنَّك إِلَه قذر، وَتَابَ من ذَلِك فِي قصَّة مَشْهُورَة.

وَقد قتل سيف الشَّرْع من قتل من هَؤُلَاءِ مثل الشَّخْص الَّذِي قَتَلْنَاهُ سنة خمس عشرَة، وَكَانَ لَهُ قرين يَأْتِيهِ ويكاشفه فَيصدق تَارَة ويكذب تَارَة، وَكَانَ قد انْقَادَ لَهُ طَائِفَة من المنسوبين إِلَى أهل الْعلم والرئاسة فيكاشفهم حَتَّى كشف الله أمره، وَذَلِكَ أَن القرين كَانَ تَارَة يَقُول: أَنا رَسُول الله، وَيذكر أَشْيَاء تنَافِي حَال الرَّسُول، فشُهد عَلَيْهِ أَنه قَالَ: إِن الرَّسُول يأتيني وَيَقُول لي كَذَا وَكَذَا، من الْأُمُور الَّتِي يكفر من أضافها إِلَى الرَّسُول. فَذكرت لولاة الْأُمُور أَن هَذَا من جنس الْكُهَّان، وَأَن الَّذِي يرَاهُ شَيْطَان، وَلِهَذَا لَا يَأْتِيهِ فِي الصُّورَة الْمَعْرُوفَة للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بل يَأْتِيهِ فِي صُورَة مُنكرَة، وَيذكر عَنهُ أَنه يخضع لَهُ ويبيح لَهُ أَن يتَنَاوَل الْمُنكر وأمورًا أُخْرَى، وَكَانَ كثيرا من النَّاس يظنون أَنه كَاذِب فِيمَا يخبر بِهِ من الرُّؤْيَة، وَلم يكن كَاذِبًا فِي أَنه رأى تِلْكَ الصُّورَة، لَكِن كَانَ كَافِرًا فِي اعْتِقَاده أَن ذَلِك رَسُول الله، وَمثل هَذَا كثير.

وَلِهَذَا تحصل لَهُم تنزّلات شيطانية بِحَسب مَا فَعَلُوهُ من مُرَاد الشَّيْطَان، فَكلما بعدوا عَن الله وَرَسُوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَطَرِيق الْمُؤمنِينَ قربوا من الشَّيْطَان، فيطيرون فِي الْهَوَاء والشيطان طَار بهم، وَمِنْهُم من يصرع الْحَاضِرين وشياطينه صرعتهم، وَمِنْهُم من يحضر طَعَاما وإدامًا ويملأ الإبريق مَاء من الْهَوَاء، وَالشَّيَاطِين فعلت ذَلِك، فيحسب الجاهلون أَن هَذِه كرامات أَوْلِيَاء الله الْمُتَّقِينَ، وَإِنَّمَا هِيَ من جنس أَحْوَال السَّحَرَة والكهنة وأمثالهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>