للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

و " الرُّؤْيَة " و " السّمع " أَمر وجودي لَا بُد لَهُ من مَوْصُوف يَتَّصِف بِهِ فَإِذا كَانَ هُوَ الَّذِي رَآهَا وسمعها امْتنع أَن يكون غَيره هُوَ المتصف بِهَذَا السّمع وَهَذِه الرُّؤْيَة. وَأَن تكون قَائِمَة بِغَيْرِهِ فَتعين قيام هَذَا السّمع وَهَذِه الرُّؤْيَة بِهِ بعد أَن خلقت الْأَعْمَال والأقوال وَهَذَا قَطْعِيّ لَا حِيلَة فِيهِ.

وَقد بسط الْكَلَام على " هَذِه الْمَسْأَلَة " وَمَا قَالَه فِيهَا عَامَّة الطوائف فِي غير هَذَا الْموضع وحكيت أَلْفَاظ النَّاس وحججهم بِحَيْثُ يتَيَقَّن الْإِنْسَان أَن النَّافِي لَيْسَ مَعَه حجَّة لَا سمعية وَلَا عقلية؛ وَأَن الْأَدِلَّة الْعَقْلِيَّة الصَّرِيحَة مُوَافقَة لمَذْهَب السّلف وَأهل الحَدِيث؛ وعَلى ذَلِك يدل الْكتاب وَالسّنة مَعَ " الْكتب الْمُتَقَدّمَة ": التَّوْرَاة وَالْإِنْجِيل وَالزَّبُور فقد اتّفق عَلَيْهَا نُصُوص الْأَنْبِيَاء وأقوال السّلف وأئمة الْعلمَاء ودلت عَلَيْهَا صرائح المعقولات.

فالمخالف فِيهَا كالمخالف فِي أَمْثَالهَا مِمَّن لَيْسَ مَعَه حجَّة لَا سمعية وَلَا عقلية بل هُوَ شَبيه بالذين قَالُوا: {لَو كُنَّا نسْمع أَو نعقل مَا كُنَّا فِي أَصْحَاب السعير} . قَالَ الله تَعَالَى: {أفلم يَسِيرُوا فِي الأَرْض فَتكون لَهُم قُلُوب يعْقلُونَ بهَا أَو آذان يسمعُونَ بهَا فَإِنَّهَا لَا تعمى الْأَبْصَار وَلَكِن تعمى الْقُلُوب الَّتِي فِي الصُّدُور} .

<<  <  ج: ص:  >  >>