وَأَيْضًا فَإِنَّهُ قَالَ {خلق السَّمَاوَات وَالْأَرْض فِي سِتَّة أَيَّام} . فالخلق لَهَا كَانَ فِي سِتَّة أَيَّام وَهِي مَوْجُودَة بعد السِّتَّة فَالَّذِي اخْتصَّ بالستة غير الْمَوْجُود بعد السِّتَّة.
وَكَذَلِكَ قَالَ {الرَّحْمَن الرَّحِيم} فَإِن الرَّحْمَن الرَّحِيم هُوَ الَّذِي يرحم الْعباد بمشيئته وَقدرته فَإِن لم يكن لَهُ رَحْمَة إِلَّا نفس الْإِرَادَة الْقَدِيمَة؛ أَو صفة أُخْرَى قديمَة: لم يكن مَوْصُوفا بِأَنَّهُ يرحم من يَشَاء ويعذب من يَشَاء.
قَالَ الْخَلِيل: {قل سِيرُوا فِي الأَرْض فانظروا كَيفَ بَدَأَ الْخلق ثمَّ الله ينشئ النشأة الْآخِرَة إِن الله على كل شَيْء قدير} {يعذب من يَشَاء وَيرْحَم من يَشَاء وَإِلَيْهِ تقلبون} فالرحمة ضد التعذيب والتعذيب فعله وَهُوَ يكون بمشيئته؛ وَكَذَلِكَ الرَّحْمَة تكون بمشيئته؛ كَمَا قَالَ: {وَيرْحَم من يَشَاء} . والإرادة الْقَدِيمَة اللَّازِمَة لذاته - أَو صفة أُخْرَى كَذَلِك - لَيست بمشيئته؛ فَلَا تكون الرَّحْمَة بمشيئته.
وَإِن قيل: لَيْسَ بمشيئته إِلَّا الْمَخْلُوقَات المباينة لزم أَن لَا تكون الرَّحْمَة
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute