وَمن هُنَا صَار كثير من السالكين من أعوان الْكفَّار والفجار وخفرائهم حَيْثُ شهدُوا الْقدر مَعَهم؛ وَلم يشْهدُوا الْأَمر وَالنَّهْي الشرعيين. وَمن هَؤُلَاءِ من يَقُول: من شهد الْقدر سقط عَنهُ الملام. وَيَقُول: إِن الْخضر إِنَّمَا سقط عَنهُ الملام لما شهد الْقدر.
وَأَصْحَاب شُهُود الْقدر قد يُؤْتى أحدهم ملكا من جِهَة خرق الْعَادة بالكشف وَالتَّصَرُّف فيظن ذَلِك كمالا فِي الْولَايَة؛ وَتَكون تِلْكَ " الخوارق " إِنَّمَا حصلت بِأَسْبَاب شيطانية وَأَهْوَاء نفسانية؛ وَإِنَّمَا الْكَمَال فِي الْولَايَة أَن يسْتَعْمل خرق الْعَادَات فِي إِقَامَة الْأَمر وَالنَّهْي الشرعيين مَعَ حصولهما بِفعل الْمَأْمُور وَترك الْمَحْظُور فَإِذا حصلت بِغَيْر الْأَسْبَاب الشَّرْعِيَّة فَهِيَ مذمومة وَإِن حصلت بالأسباب الشَّرْعِيَّة لَكِن اسْتعْملت ليتوصل بهَا إِلَى محرم كَانَت مذمومة وَإِن توصل بهَا إِلَى مُبَاح لَا يستعان بهَا على طَاعَة كَانَت للأبرار دون المقربين وَأما إِن حصلت بِالسَّبَبِ الشَّرْعِيّ واستعين بهَا على فعل الْأَمر الشَّرْعِيّ: فَهَذِهِ خوارق المقربين السَّابِقين.